ديانة قدماء المصريين
ديانة قدماء المصريين | المعتقدات والطقوس الدينية في مصر القديمة الفرعونية، العقائد الجنائزية والحقائق التاريخية الدين المصري القديم الفراعنة

ديانة قدماء المصريين | المعتقدات والطقوس الدينية في مصر القديمة الفرعونية، العقائد الجنائزية والحقائق التاريخية الدين المصري القديم الفراعنة واسرار آرو والمظهر الديني للحضارة مصر القديمة، حقائق وتاريخ المصريين المكونات الرئيسة للدين المصري بالحضارة الفرعونية واسرار المؤسسة الكهنوتية والملكية عند الفراعنة.

مكونات الدين الرئيسة هي (المعتقدات، الطقوس، أساطير الفراعنة، النهايات) والمكونات الثانوية هي (الأخلاق والشرائع، السرديات المقدسة، الجماعة الدينية، الباطنيات)، وسندرس في هذا الفصل هذه المكونات الستة للديانة المصرية بخلاصة شديدة.

حقائق ديانة قدماء المصريين الفراعنة:

  • تم بناء أساس ديانة الفراعنة على الاخلاق الحسنة والقيم الحميدة في التعاملات فيما بينهم وتطبيق القانون على جميع افراد الشعب وبين افراد الاسرة الحاكمة لتحقيق العدالة.
  • تم كتابة القيم والمبادي الدينية في كتاب الموتى “كتاب الخروج إلى النهار” حتى يسير عليه في تطبيق عقائد المصريين القدماء.
  • تعتبر نصوص كتاب الموتى الجنائزية من أقدم النصوص التي تم كتابتها والاحتفاظ بها حتى الان في مكتبة الاسكندرية، ويعتبر من أقدم الكتب المحفوظة في تاريخ البشرية والتي تم اكتشافها حتى الان.
  • كان الملك الفرعون الحاكم هو الوسيط بين عامة الشعب والالهة المصرية، حيث كان يوهم عامة الشعب انه الوحيد الذي اختاره الاله ليكون خليفته على الارض والوسيط بينهم وهو المسئول على تطبيق العدالة في الارض وكان يساعده كهنة المعابد مثل كهنة معبد امون رع وفي بعض الاحيان كان ينصب نفسه إله ويتم عبادته بالإضافة جعل بعض ملكات الفراعنة والاميرات معبودات مقدسة تعبد في المعابد الجنائزية في جميع اقاليم مصر العليا والسفلى.
  • ارتبطت ديانة قدماء المصريين بشكل كبير بالأخلاق وتطبيق العدالة مع تواجد اشخاص تمارس السحر والشعوذة وغالبا يكن من ضمن كهنة المعبد الجنائزي للإخافة الناس وزيادة ارتباطهم بالإله الخاص بهم.
  • كان يتم رسم الالهة المصرية اما بتصميم راس حيوان وجسد انسان مثل راس اسد او راس تمساح او راس قطة وخلافه للأكثر من ١٠٠ معبود واله تم تقديسه وعبادته في حضارة مصر القديمة.
  • تعتبر ديانة قدماء المصريين ديانة توحيدية وفي نفس الوقت ديانة وثنية، حيث كان لكل اقليم من اقاليم مصر إله ومعبود خاص بها بالإضافة للإلهة المصرية المشهورة والمنتشرة ولها معابد جنائزية وكهنة وموظفين لخدمة المعبد مثل الاله امون والاله رع والاله خنسو والاله موت والاله إيزيس والاله حورس.
  • تم ذكر نصوص التوحيد عند الفراعنة في كتاب الموتى في نصوص جنائزية تشير الى عبادة الاله الواحد وهو من خلق الأرض والسماء ومن فيها ثم خلق الحيوان والانسان والطبيعة من حوله.
  • كان المصريين القدماء يتعبدون في المعابد الجنائزية ويتلون الصلوات والتسابيح للإله الخاص بهم منذ بداية عصر ما قبل الاسرات بحضارة نقادة الثالثة ثم عصر الاسرة المصرية صفر والاسرة المصرية صفرين حتى بداية حكم ملوك الأسرة المصرية الأولى وظهور معتقدات دينية ومعبودات مختلفة بزيادة عدد الاقاليم الموحدة تحت قيادة الملك نعرمر “الملك مينا موحد القطرين” واتخاذ إله او معبود كرمز موحد لجميع الاقاليم المصرية العليا والسفلى مع عبادة باقي الالهة المصرية الاخرى مثل إله الحرب واله الزراعة واله الخصوبة وخلافه.
  • ظهرت فكرة التوحيد في ديانة قدماء المصريين بشكل واضح وملحوظ وتم تطبيق بالفعل بواسطة الملك امنحتب الرابع “إخناتون” اشهر ملوك الفراعنة بالأسرة المصرية الثامنة عشر بفترة المملكة الحديثة, حيث كانت مصرية قوية ومستقرة اقتصاديا ومزدهرة بالمعادن والذهب “المعادن المصرية القديمة” ومتطورة في العلوم المصرية القديمة, لذلك كانت لدي الملك إخناتون القدرة على تطبيق افكاره التوحيدية لعبادة الاله رع “رمز الشمس” كاله واحد فقط موحد لجميع طوائف واقاليم مصر العليا والسفلى وغلق جميع المعابد الاخرى لجميع المعبودات مهما كانت قوتها وانتشارها, لكنه واجه مقاومة عنيفة بالبداية من كهنة معبد امون “ذات النفوذ القوية وقتها” وانتقل الى منطقة صحراوية للإنشاء مدينته الخاصة “تل العمارنة” في المنيا جنوب مصر.
  • من المؤكد ان التوحيد عند الفراعنة كان متواجد منذ بداية حكم ملوك الفراعنة بعصر ما قبل الاسرات وعصر بناءه الاهرامات من الأسرة المصرية الثالثة والأسرة المصرية الرابعة, حيث تم اكتشاف نصوص جنائزية على جدران الاهرامات من الداخل “الهرم الأكبر, هرم خفرع, هرم منكاورع” تشير الى فكرة التوحيد لعبادة المصريين القدماء للإله واحد فقط, من المؤكد انه كان منتشر بين عامة الشعب ولكن كلما زادت سلطة الملك الحاكم كلما زاد بطشه وسيطرته على البلاد وتوجيه عامة الشعب للمعبودات والالهة التي يختارها هو سواء كان اجباريا او اختياريا ومع الوقت ظهر الملك أخناتون بقوة ليعلن رغبته بكونه وسيط بين الاله اتون الواحد “رمز الشمس” وبين الناس, مجرد موته انقطع الوسيط وترك المصريين القدماء عبادة الاله اتون وتم الرجوع بسرعة الى باقي الالهة المصرية القديمة, وظهر ذلك بقيام الملك حور محب بتدمير وتخريب كافة الاثار والنصوص التي تشير الى فترة حكم الملك امنحتب الرابع.
  • استمرت عبادة الالهة المصرية الفرعونية حتى اثناء حكم ملوك عصر المملكة الرومانية والعصر اليوناني والبيزنطي عصر البطالمة وبنهاية ولاية الملكة كليوباترا السابعة وانتهاء فترة الفراعنة بتاريخ مصر، كان من اشهر الالهة التي ارتبطت بالثقافة اليونانية والرومانية الاله إيزيس والاله أوزوريس والاله حورس.
  • كان المصري القديم شخص مدين بطباعة ويحب الالتزام بالمبادي الدينية والاخلاق الحميدة التي كانت ثابته مع توالي حكم ملوك الاسرات المصرية الفرعونية المختلفة.
  • تم رسم مناظر ونصوص دينية جنائزية على جدران المقابر الفرعونية في الاقصر واسوان بالإضافة كتابة نصوص الكتب الجنائزية على التابوت الفرعوني الذي تم دفته مع مومياء الفراعنة في المقبر الملكية او مقابر النبلاء، مثل التي تم اكتشافها بكافة المواقع الأثرية في مصر.
  • كان يتم اختيار أحد افراد الشعب وتنصيبه كاله يتم عبادته نظرا لما قدمه من علوم ومعرفة، كما حدث مع الطبيب والحكيم والمهندس المعماري إمحوتب وغيره وبناء تماثيل لها ورسم رسومات له على جدران المعابد الجنائزية وربطه بطقوس العبادة الدينية وربطه بالإلهة وخصوصا طقس فتح الفم للملك.
  • كان يتم تقديس وعبادة الحيوانات والطيور في ديانة قدماء المصريين مثل الثور والبقرة والتمساح ويتم تحنيطها والمحافظة عليها وتقديرها على اساس انها تمثل الالهة في الارض، انتشرت من خلالها الاساطير الفرعونية والقصص عن القطط في معبد إدفو وحورس وتم اكتشاف الكثير من مومياء التماسيح بمقابر النبلاء بأسوان واكتشاف راس البقرة المقدسة في مقبرة توت عنخ امون بمقابر وادي الملوك بالأقصر والمزيد من الاكتشافات الاثرية.
  • كان يدفن مع المتوفي اطعمة جافة “التين، الخبز” ومشروبات مثل النبيذ “الطعام في مصر القديمة“، اعتقادا منهم انه سوف يستخدمها المتوفي في حياته الاخرى بعد وفاته.
  • اهتم المصريين القدماء بتقديم القرابين الى الالهة في المعابد الجنائزية الخاصة بهم، كان يحصل عليها الكهنة والموظفين، فكلما زادت القرابين زاد رضى الالهة على الشخص الذي يقدم القرابين ويحصل على منح ربانية.
  • انتشرت أساطير الفراعنة والخرافات والقصص الخالية في الأدب المصري القديم بين افراد عامة الشعب من اجل تفخيم وتعظيم الالهة وزيادة الخوف في قلوب المصريين القدماء الضعفاء، كان يتم تغير الالهة الرئيسية للمعابد مع تغير فترة حكم الاسرة الحاكمة وتغير مكان العاصمة الاساسية لأقاليم مصر القديمة. 

رأي الباحث تامر احمد عبدالفتاح:

  • الملك الفرعوني مثل أي بشر يعيش فترة ثم يموت، لكنه كان يستغل سلطته وبمساعدة اعوانه من كهنة المعابد والتابعين له بإخافة عامة الشعب ورسم صورة له انه وسيط الرب في الأرض او انه الاله لعبادة وطاعته، بناء عليه كان يتم نشر القصص الخيالية والاساطير بين المصريين القدماء لتصديقها واجبارهم على تنفيذ قوانينه بالقوة من النحت وبناء التماثيل وبناء المقابر والمباني الملكية بينما عامة الشعب تدفن ولا يعرف عنها شيء.
  • مع توالي حكم ملوك الفراعنة ثبت الفكرة والعقيدة الدينية وكل من يحاول تغير الواقع يتم قتله وتدمير كل الاثار الخاصة به والتي تذكر فترة حكمه او أفكاره، كان الوضع بمثابة رجل واحد وهو الملك وتحته الوزراء “لا يتعدى ٥٠ شخص” والباقي عبيد لتنفيذ أوامر الملك الفرعوني.
  • كل الالهة المصرية القديمة ما هي الى رسومات فنية جميلة كان يتم استخدامها فقط في فترة حكم ملوك الفراعنة وكان اهم ما يميز حضارة مصر القديمة الاحتفاظ بالدين والأخلاق والمبادي وتطور فنون الرسم والابداع في رسم وتصوير المعتقدات الدينية.

لتعرف أكثر على تفاصيل ديانة قدماء المصريين والعقائد الدينية والمعتقدات وكيف كانت الحياة الدينية اليومية للمصريين القدماء استمر بقراء المقال، قمنا بتوفير مصادر عالية الدقة والثقة في المرجعية لاكتساب المعرفة الحقيقة والواقعية لديانة قدماء المصريين الفراعنة…

ديانة قدماء المصريين

أولاً: المكونات الرئيسة للدين المصري

المكون الرئيس الأول: المعتقدات الدينية

ديانة قدماء المصريين – المؤسسة الإلهية – المؤسسة الدينية

وهي بانثيون الالهة المصرية القديمة الذي يتكون من عدد هائل مكون من آلاف الآلهة التي تتفاوت في أهميتها، ويمكننا عموماً تمييز سبع مدارس لاهوتية مختلفة في مصر تعمل على وضع الآلهة في مستويات متتابعة، ويمكننا إجمالاً القول إن هناك مجموعات كبرى من الآلهة وهي:

  1. آلهة العماء والهيولى الأولى (الكاؤوس)
  2. آلهة الكون الخالقة الكبرى السبعة (الكوزموس)
  3. آلهة العناصر الأربعة
  4. آلهة السماء
  5. الكواكب والنجوم والطقس
  6. آلهة الأرض
  7. آلهة العالم الأسفل (دوات)
  8. الآلهة الأجنبية

المعتقدات الدينية المؤسسة الملكية (الفرعونية): ديانة قدماء المصريين

لم تكن المؤسسة الفرعونية او الهرم السياسي الفرعوني بإدارة ملكية دنيوية تقليدية كالتي نعرفها في المؤسسات الرئاسية والملكية في كل أنحاء العالم القديم؛ ففي مصر اختلفت صورة الملك تماماً عن صورته في دول ومجتمعات ذلك العالم. لقد كان الفرعون إلهاً بالمعنى الدقيق للكلمة، لم يكن ممثلاً للإله أو صورة من صوره على الأرض بل هو الإله تماماً. ولكن أي إله وما هو اسمه في المجمعات الإلهية؟

لقد كان الفرعون ابن الإله (رع) من جهة، وهو الإله الملك حور أو حورس الذي هو الإله الشمس الذي يهب الحياة الطاقة والنور من جهة أخرى، وكان الفرعون إلهاً في الحياة، أي ابن رع وإلهاً في الموت حيث يتحول إلى الإله اوزوريس عندها يموت ويبقى في جنة العالم الآخر بصفة الإله الحاكم للموتى (أوزريس).

وكلمة فرعون تصحيف عبري للكلمة المصرية القديمة (فير – أ) أو (بير – أ a – per) التي تعني (البيت العظيم) وهو المكان الذي تعيش فيه الرعية وتلجأ إليه. وكان المعنى العميق لهذه الكلمة هو (الذي يعيش فيه الناس) أي (العالم) أو (الكون)، ويأتي هذا التفسير معززاً لفكرة الألوهية التي ارتبطت بالفرعون.

ويرى عالم المصريات الدكتور واليس بودج أن الملك كان منحدراً من إله حكم على الأرض فهو إله بالرغم من أن له جسماً من لحم ودم. وكانت أعمال ومشيئة وأفكار الفرعون هي أعمال ومشيئة وأفكار الإله. وكان يحضر مراسيم تقديم القرابين له كإله، بل واًن بعض ملوك الفراعنة مثل الملك أمنحتب الثالث من الاسرة المصرية الثامنة عشر بعصر المملكة الحديثة في مصر القديمة بنوا لنفسهم ولزوجاتهم ملكات مصر الفرعونية المعابد المصرية كانوا يتعبدون أنفسهم فيها.

المؤسسة الكهنوتية المعتقدات الدينية

كان الملك من الناحية العملية، برغم أنه الإله، يدمج في شخصيته وظائف وصفات الإله والملك والكاهن مثل كاهن آمون الأكبر. بالإضافة إلى دوره السياسي والإداري والتشريعي، كان الملك في أقدم العصور المصرية بداية من عصر ما قبل الأسرات حتى العصر المتأخر، يقوم بكافة الواجبات الدينية الكبرى مثل بناء المعابد الجنائزية ومنح القرابين في الأعياد الفرعونية والقيام بالصلاة… الخ. لكن الملك لم يسطع القيام بكل هذه الأعمال مع تعدد الآلهة المصرية وتفرق أماكن عبادتها، ومع ذلك كانت شخصية ووظيفة الكاهن المصري متواضعة جداً ولا تميل إلى الصورة المتزمتة التي قد تخطر في بالنا.

يقترح عالم المصريات الفرنسي الدكتور سيرج سونيرون أن “هؤلاء الكهنة لم يكونوا يمارسون وظائفهم إلا لمدة زمنية محدودة قد تبلغ ثلاثة أشهر في العام، نتيجة لتعاقب الطوائف العاملة. وخلال الثلاثة أشهر التي كانت تفصل بين كل شهر وشهر من أشهر العمل كانت حياة الكهنة المدنية البحتة تسير بعيداً عن مذابح القربان.

فبماذا إذن كان يتميز هؤلاء الكهنة عن غيرهم من سكان قريتهم؟ إن النبذات القليلة التي سنذكرها عن الحوادث الآن لم تجمع لهدم الفكرة الرائعة التي قد نميل للاحتفاظ بها عن (الكاهن المصري)، بل إن هذه النبذات قد تجنبنا التعميم العاجل؛ فالكهنوت المصري كانت وظيفته مدنية مباحة إلى أبعد الحدود، إلى الحد الذي جعل منه مرآة تعكس كل مظاهر المجتمع الطيب والسيئ ء ومن ناحية أخرى فإن الكهنة لم يكونوا أصحاب رسالات إلهية لمن يتبعونهم من الأتقياء.

بل كانوا مجرد منفذين لطقوس دينية يومية كانت تتم بعيداً عن عيون الجماهير، وسوف نرى أنه كان للمرء أن يكون على حظ ضئيل من التأهيل يتيح له الانخراط في سلك (المطهرين). وقد يفسر عدم الاختيار لتلك الوظائف بعض الفصول العجيبة في تاريخ الكهنوت.

استطعنا إحصاء سبع طبقات كهنوتية متميزة، ثلاث طبقات أساسية وأربع طبقات متغيرة وغير ثابتة – ديانة قدماء المصريين، وهي كما يلي:

الكاهن الأكبر (حم نتر):

وكان الأعلى رتبة بين الكهنة والذي يقوم الملك بتعيينه، وكانت شخصيته مؤثرة في المجتمع.

الكهنة المختصون:

وهم مجموعة من الكهنة الذين يصنفون من المرتبة العليا، ويعملون في وظائف محددة تخص الخدمة والطقوس وأعمال النظافة اليومية، وإكساء وتزيين التماثيل الإلهية والمحافظة على قاعات المعبد وعلى المواد المخصصة للاستعمال اليومي كالحلي والثياب ومتطلبات العبادة. ويشتملون بصورة عامة على:

صغار الكهنة:

وهم صغار ورجال الدين، لهم دور بسيط في العيادات والنشاطات الدينية وينقسمون إلى:

  • الاتقياء: وهم الذين يقومون بأعمال بسيطة شل (حملة القارب المقدس، السقاية في المعبد ورش الماء، مراقبة الدهانين والرسامين ويمثل فنون النحت في مصر القديمة، ورؤساء الكتاب والعمال اليدويين للملك المقدس، أو أن يكونوا عمالاً يدويين بسطاء مكلفين بأحذية الإله… يتوزعون إلى طبقات في المعابد الكبيرة التي تمتاز بكثرة رجال دين، منهم رؤساء الأتقياء أو المتقدمون في التقوى، أومن المرؤوسين المصنفين داخل فئة كبار الكهان الصالحين للقيام بجميع الأعمال التي يتطلبها المعبد والعبادة.
  • الرعاة: وهم حملة الأشياء المقدسة.
  • الأحبار: وهم مكلفون بتقديم القرابين ونحرها قبل ذلك.
  • مفسرو الأحلام (العالمون بالغيب): وهم الضالعون في عالم الظواهر الليلية وتعليم العرافة.

الكهنة المؤقون (أونوت):

وهم كهنة الخدمة المؤقتة الذين ظهروا بشكل خاص في عصر المملكة الوسطى في مصر القديمة بداية من حكم ملوك الأسرة الحادية عشر حيث يتناوبون العمل الكهنوتي لفترة مؤقتة ثم يعودون إلى حياتهم اليومية المدنية المعتادة.

المعتقدات الدينية الكاهنات: ديانة قدماء المصريين

كانت المرأة قبل الدولة الحديثة تدخل في خدمة المعبد وفي سلك الكهنوت، وهناك كاهنات للإلهة نيت وحتحور ” ولكن الاسرة المصرية السابعة عشر أظهرت لقباً كهنوتياً جديداً للملكات أو الأميرات اللائي سيصبحن ملكات، وهو (زوجة الإله) وهي الزوجة الملكية للإله آمون والتي يحرم عليها الاتصال بأي رجل اتصالاً جنسياً.

وكانت زوجة الإله هذه صاحبة سلطان عظيم ينافس سلطان الفرعون؛ فقد كانت “تمتلك الضياع الضخمة وتشرف على موظفين. يخصونها، وتتخذ مجموعة من الألقاب، وتحيط اسمها بالخراطيش الفرعونية، وتخلع على نفسها صفات ملكية، وتحتفظ بأعياد اليوبيل مثل عيد السد، وتقيم نصباً وآثاراً باسمها، وتقدم القرابين للآلهة.

كانت رئيسة الكاهنات غالباً هي زوجة الكاهن الأكبر. وكانت ترتبط بالإله بنوع من الرباط، فتعد زوجة له مثلاً، وقد أعطيت في العصور المتأخرة أهمية كبرى لمن تولت منصب الزوجة الإلهية لآمون، ذلك المنصب الذي كان يعادل منصب الكاهن الأكبر والذي اختفى نفوذه منذ تولت الاميرة شبنؤبت الثانية من الأسرة المصرية الخامسة والعشرون هذا المنصب في عهد والدها الملك اوسركون الثالث من الأسرة المصرية الثالثة والعشرون.

والذي كان لصاحبته السلطة الدينية والروحية في طيبة لمدة تزيد عن القرنين. وكانت سياسة الفراعنة إسناد هذا المنصب لإحدى بناتهم كي لا تخرج ممتلكات وأوقاف الإله من دائرة الأسرة المالكة وتؤول إليها سلطات ذلك المنصب الكبيرة.

الإداريون والمستخدمون:

وكان هؤلاء خارج سلك الكهنوت ولكنهم يقومون بالمهام الإدارية والخدمية للمعابد، خصوصاً إذا كانت المعابد واسعة كبيرة، مثل مدراء الأملاك ورئيس القطعان والمخازن… الخ. وكانت هناك مجموعة كبيرة من المستخدمين كالبوابين والعمال والحراس والجنازين والجزارين والعبيد… الخ.

Religious life in ancient Egypt

 الطقوس الدينية في الحضارة الفرعونية ديانة قدماء المصريين

اكتشف حقائق طقوس المناسبات والاعياد عند المصريين القدماء, قائمة الأعياد الفرعونية ومواعيدها حسب التقويم المصري القديم والمزيد من الاسرار.

الطقوس اليومية:

الصلاة: كانت الصلاة طقساً دينياً يقوم به الإنسان العادي والكاهن والملك وكانت تؤدى وفق أوضاع منوعة كالركوع والسجود والوقوف بخشوع أمام تماثيل الآلهة.

ولم يكن كل تمثال يمثل الإله. فقد كانت هذه التماثيل تعتبر نسخاً من تمثال أصيل كان يحتفظ به في حجرة قدس الأقداس في المعبد، ولم تكن رؤية هذا التمثال أمراً يسيراً للناس فقد كان الملك وبعض الكهنة من ذوي المراتب العالية هم الذين يسمح لهم كل صباح بمشاهدته والصلاة بين يديه، وكان الملك أو الكاهن يصلي وذراعاه مسدلتان على جانب جسمه، أو في وضعية السجود أو الركوع وهو يكرر الصلاة أربع مرات لتبلغ زوايا أو جهات العالم الأربع.

 نص الصلاة عند الفراعنة:-

  • عبد سيادتك، بعبارات مختارة، بصلوات تزيد من عظمتك، بأسمائك العظيمة، بمظاهرك المقدسة التي ظهرت بها في اليوم الأول للعالم.
  • طقوس المعبد اليومية: التنظيف والغسل والتبخير.
  • التراتيل والأناشيد الدينية
  • القرابين والسكائب

طقوس الإسكاتولوجيا (الموت):

طقوس الموت أي الفعاليات الدينية المرافقة لموت الإنسان حتى دفنه. وقبل كل شيء لا بد من معرفة أن الموت كان حاجزاً رقيقا يفصل عالماً واحداً عند المصريين، لأن الموت لم يكتب نهاية الحياة (كما عند العراقيين القدماء)، بل استمراراً لها في عالم آخر لا يختلف في جوهره عن عالم الحياة حيث تبدا عملية التحنيط عند الفراعنة.

النهايات والأخرويات (الإسكاتولوجيا) ديانة قدماء المصريين

الاسكاتولوجيا المصرية او علم الآخرات او علم آخر الزمان او الآخرويات عبرت عن نفسها في عقائد نهاية العالم والآلهة كما لمحنا ذلك في الأساطير. ولكن تأكيدها الواضح كان في عقائد موت الإنسان التي يسميها الباحثون إجمالاً فن الشعائر الجنائزية بالعقائد الجنائزية المصرية القديمة.

يسود الغموض حول موقف المصريين القدماء من (نهاية العالم)؛ كيف ولماذا سيدمر العالم وهل سيكون التدمير نهائياً أم أن العالم سيعود بشكل جديد وولادة جديدة، وهناك تساؤلات كثيرة طرحت في هذا الموضوع، ونرى أنه لا بد من النظر بعناية في النصوص التي تتعامل مع هذا الموضوع للكشف عن طبيعة شعور قدماء المصريين حيال هذا الموضوع.

هناك ما يشير إلى وجود تصور خاص عند المصريين القدماء لموضوع نهاية العالم يمكن أن نرصده في بعض النصوص، وهي ترى أن مثل هذه النصوص تنقسم، وفقاً لطبيعتها، إلى مجموعة من الأنواع:

  1. نصوص الشكوى والتذمر من هذا العالم وترقب نهايته.
  2. نصوص النبوءات الخاصة بنهاية العالم.
  3. نص كتاب الموتى، الفصل الخاص بنهاية العالم.

الخلاصة:

كان رع بمثابة إله الضوء، وأوزوريس إله الظلمة، ورغم ذلك فقد تم تصوير الإلهين، أحياناً، في هيئة واحدة (مومياء برأس الكبش) وقد عثر على صور كثيرة لهذه الهيئة، والسؤال هو: ما الذي تعنيه وترمز له، فربما كانت دلالة ذلك أن العالم يموت ويحيا بطريقة متلازمة، فأوزيريس يعود للحياة مع بزوغ رع اليومي في السماء.

من الغرب إلى الشرق كما يفعل رع وبطريقة سلسلة دون إحداث الفوضى والدمار، ودون عودة العالم إلى شكله الهيولي الكاؤوسي. مثلما تظهر النباتات والطيور والحيوانات على ضفتي النيل، حيث العالم مثل تلك الجزر الصغيرة التي تتخلل النيل والتي هي كأرض بدائية للخروج من المياه، تضم بيضة البدايات التي تظهر بعد أن يغمرها الماء فيغيب العالم ثم يظهر مولوداً من جديد.

رأى المصريون أن طائر بينو وهو طائر الفينيق الشمسي المصري القديم هو الذي يعلن بداية ونهاية العالم، حيث تظهر صرخات هذا الطائر في حالة نهاية العالم بطريقة معاكسة لما هي عليه في بداية خلقه، فتكون الصرخات (آي. ته. اي. ر)، حيث كان السحرة يستخدمون هذه الصرخات كنوع من التهديد والوعيد عند يأسهم… وهوما يشير الى أن العالم سينتهي.

وهكذا كان المصريون يرون أن العالم يجب أن ينتهي. كانوا يعرفون أن النهاية لا بد منها لكي يتجدد العالم، وهذا يعني أنهم كانوا ينظرون لنهاية العالم وبدايته كما ينظرون للموت والحياة، أي أن الموت هو بوابة للدخول إلى الحياة.

عليتا أن نعرف أولاً أنه ما من شعب على مر التاريخ كالمصريين، اهتم بعقائد ما بعد الموت (الجنائزية) ورصد لها كل هذا الإرث المتميز من تراثه الديني والروحي، ويبدو لنا أن هناك سببين رئيسين وراء ذلك: السبب الموضوعي يكمن في بيئة أرض مصر نفسها.

الفكر الديني المصري

فقد كانت تربة مصر ومناخها تحفظ الجسد الإنساني بعد الموت إلى أقصي درجة ممكنة، وكان نهر النيل يفيض صيفاً في مواعيد دورية ثابتة كأنه يوحي بدورة حياة متجددة كل عام، وكانت الشمس في صحوها ووضوحها ودوراتها اليومية وما توحيه من حياة وموت وبعث وخلود، مركز الدين المصري.

أما السبب الذاتي فكان في الفكر الديني المصري الذي لم يكن يفوق كثيراً بين الآلهة والإنسان، وأن الموث ما هو إلا فاصل بين عالمين متصلين هما عالم الحياة والآخرة. وهكذا نظر الدين إلى الآلهة والناس والموتى وكأنهم مجتمع واحد، ولذلك اخترع ما يناسب هذه الفكرة من دعائم شكلت فيما بعد عقائد ما بعد الموت.

نرى أن المصريين قدموا رؤية عامة وسريعة عن نهاية العالم، ولم يطوروا رؤيا واضحة ومفصلة عن نهاية العالم والكون والإنسان، وهذا ما يثير الاستغراب فعلة، فرغم التراث الإسكاتولوجي الكبير لمصر القديم وشواهده التي لا تنتهي في المقابر المصرية والمعابد والبرديات الفرعونية، لكنهم لم يرسموا نهاية واضحة للعالم بل تركوا الأمر سائباً يتكرر بين صراعات رع وحورس مع الظلام والموت إلى ما لانهاية.

القوتان المتصارعتان (الكاؤوس والكوزموس) كان يمثلهما (ست وحورس)، ولكنهما لا ترسمان نهاية العالم في آخر الزمان، فقد كان الصراع مستمراً دون غلبة واضحة ومميزة لأي منهما “وبما أن سيادة إحدى القوتين الكونيتين على الأخرى سوف يؤدي إلى اختلال نظام الكون.

فإن الآلهة كانت تتدخل في صراع سيت وحورس كلما علا أحدهما على خصمه وأوشك أن يجهز عليه. ففي أكثر من نص نجد أن الإله تحوت يهب للفصل بين الخصمين عند وقوع أحدهما تحت وطأة الآخر، وهذا ما أعطاه لقب قاضي الإلهين المتخاصمين. وفي نصوص أخرى نجد الإلهة إيزيس تهرع لنجدة سيت الذي كبله حورس بالأصفاد وهم بالإجهاز عليه، فتفك قيوده وتطلق سراحه.

كذلك لم تنتقل الثنوية المصرية إلى بلورة فرضية خلاصية أو رؤية أبوكالبسية واضحة ومميزة، لأنها ظلت حبيسة الصراع التقليدي بين القوتين المتصارعتين دون نتيجة أخلاقية ومصيرية حاسمة.

ديانة قدماء المصريين – آرو في ثقافة حضارة مصر القديمة

حقائق وتاريخ مفهوم الجنة والنار عند المصريين القدماء الفراعنة والمعرفة باسم حقول القصب او حقول اليارو والمزيد.

حقول آرو أو حقول القصب هو عبارة عن عالم كبير وخيالي يخص مجموعة من حقولٍ القصب كان يظهر بشكل كبير ومتكرر في مختلف تلك الأساطير المصرية القديمة.

كما أنه كان يعتقد القدماء المصريين في قديم الأزل أن جموع هؤلاء الموتى الصَّالحين من الفراعنة سوف يعيشون في حقول اليارو بنعيمٍ دائمٍ وسوف يستمرون كذلك في الحياة الأخرى حتى بعد الموت.

ما هي حقول آرو

  • كانت حقول اليارو أو حقول القصب في الأساطير الفرعونية هي بمثابة الجنة في الآخرة هذا بالطبع بالنسبة للمصريّين القدماء.
  • حيث أنهم كانوا يقضون ما كانوا يعتقدون من قبل أنها عبارة عن حياة ثانية كانوا يعيشونها من قبل بعد موتتهم الأولى.
  • إلا أنَّهم على الرغم من كونهم هم الاخيار الا انهم كانوا يعتقدون في الاساطير أنهم سوف يواجهون من خلال عبورهم نحو حقول اليارو محاسبةً في القاعة المسماة الحقيقتين الواقعة في منزل أوزيريس.
  • حيث كانت توضع فيها من قبل قلوبهم على ذلك الميزانٍ المخصص للحساب ذو الكفَّتين مع وجود ريشة تخص تلك الريشة إله الموت عند الفراعنة وهو انوبيس.
  • فإن كانت من قبل قلوبهم في ذلك الوقت هي أخفَّ من الريشة فإنهم يعبرون مباشرة إلى الجنة هذا إن كانوا بالطبع صالحين.
  • وأما إن كانت في ذلك الوقت قلوبهم عند الميزان أثقل، أي هذا يعني انهم كانوا مثقلين بجمود تلك الذنوب والخطايا، فسوف يلقى بقلوبهم في ذلك الوقت إلى آكلة الموتى المخلوق أمت ليلتهمها حتى تكون في ذلك الوقت تلك ميتتهم الثانية
  • ومن ثم فإنهم بذلك يختفون تماماً عن العالم ككل وينتهي وجودهم وشرهم، ومن ثم سوف تظلّ أرواحهم بذلك الأمر تتعذَّب إلى الأبد.

أهمية حقول اليارو عند الفراعنة

  • في الأساطير القديمة كانت قد وقعت لليورو أو حقول القصب الفرعونية بعيداً من الناحية الشرقية، وذلك حيث كانت تشرق الشمس قديما.
  • كما كانت قد بدت حقول آرو في الأساطير حسب ذلك التخيّل الذي كان قد رسمه لها القدماء المصريّين فربما حيث انها كانت كمل تظهر اليوم منطقة دلتا النيل بالفعل.
  • كما كان الموتى من المصريين القدماء يقومون بعد موتهم في حياتهم الثانية ليفعلوا بنفس أعمالهم وأمورهم الحياتية التي من قبل يمارسونها في تلك الحياة الدنيوية.

 الحياة في حقول آرو – ديانة قدماء المصريين

  • في الواقع، لم تكن في الأساطير القديمة عند الفراعنة تُمنَح الحياة الثانية في حقول اليارو أو حقوا القصب إلا لجموع الناس من الشعب الذين كانوا قد حظوا بالفعل بمراسم مهمة قاموا بها من احل التشييعٍ والتحنيطٍ ومن ثم الدفنٍ في النهاية.
  • وكان يتم ذلك خاصَّة وفق لمجموعة من الطقوس الجنائزية أو الطقوس المصرية القديمة، ولذلك كان يوجد دائماً في الأساطير القديمة فرصة للأغنياء بنسب أكبر عن غيرهم للفوز بتلك الحياة.
  • على الصعيد الآخر كان قد واجه الفقراء من الشعب في الحياة الفرعونية الكثير من المصاعب حيال القيام بتأدية تلك الطقوس الدينية بالشكل المناسب لهم أو لموتاهم.
  • كما كان عدد من الفراعنة الجدد الذين كانوا قد تولوا الحكم في قديم الأزل يطمسون القبور الخاصة والمميزة لخلفائه من الذين نافسوا من قبل.
  • وذلك لتقليل فرصها التي من الممكن ان يقتنصها من أجل بلوغ حقول اليارو أو حقول القصب، ومن أمثلة ذلك انه كان هناك طمس من الملك تحتمس الثالث في فترات حكمه لقبر خليفته الملكة حتشبسوت في مقابر وادي الملوك بالاقصر.

الحياة الدينية في مصر القديمة – حقائق واسرار عقائد الربوبية عند الفراعنة, تاريخ جذور الآلهة ودرجات التعدد والتوحيد التي تم اكتشافها عن العقائد الدينية عند المصريين القدماء بثقافة الحضارة الفرعونية.

ديانة قدماء المصريين – الألوهية عند الفراعنة

كانت كلمة (نتر) في اللغة المصرية القديمة تعبر عن الله أو الإله روح أي من الكائنات. وكانت هذه الكلمة تعني القوة أو الطاقة التي تفوق قوة البشر أو الخارقة للطبيعة. أما رمزها الهيروغليفي فكان عبارة عن صورة فأس برأس متجه إلى اليسار.

وقد حير العلماء تفسير معنى هذا الرمز ومصدره؛ فقد رأى البعض أن هذا الرمز يعود إلى العصور الحجرية كدالٍ على القوة، حيث كانت الفأس أداة للصيد والحفر والبناء.

وهناك من رأى أن قداسة هذا الرمز أتت من استخدامه في مراسيم التضحية والقرابين في تلك العصور، ولكننا نرى أن العلاقة بين إله الهواء في تراث الشرق الأدنى القديم وبين الفأس يمكن أن تكون مفتاحاً لحل هذا اللغز، حيث ظهر مبكراً في حضارة حلف كرمز لإله الهواء ثم للإله إنليل وهو الإله الأكبر بالنسبة الى السومريون.

ورأي بعض العلماء أن “المعنى الحقيقي لكلمة (نتر) هو (التجدد)، وفكرة بقاء الله حياً وخالداً عن طريق التوالد والاستمرار الذاتي كانت ملهمة في اتخاذ هذه الكلمة الدالة على الإله.

وقد ذكرت هذه الكلمة مرتبطة بوجود خالد وشخص يخلق نفسه وينتج نفسه. حيث هذا الكائن يخلق نفسه بالفطرة وهي توحي بذاتية الخلق والقدرات الخاصة بتحديد الحياة للأبد وذاتية الإنتاج، وكانت تشير إلى كائن له القدرة على إنتاج الحياة وصيانتها عندما تتوالد.

واعتقد باحثون آخرون أن المعنى الحقيقي للكلمة مستحيل التحديد، وأن كلمة (نتر) وإذ عنت التجدد والقوة والقدرة والصيرورة؛ لكنها كلمة غير دارجة لهذه المعاني. العلاقة بين الإنسان والآلهة تتضمن، أولاً، معاني الاحترام والحب والمديح والأمل، ثم معنى التعبد والإجلال المرتبط بالخوف والرهبة، فهي تغلب الصفة الإيجابية على الصفة السلبية في هذا المجال.

Funerary beliefs in ancient Egypt

درجات التعدد والتوحيد:

يستنتج عالم الاثار والمصريات الهولندي الدكتور هينري فرانكفورت أن المصريين كانوا موحدين في الطبيعة لا موحدين في الله. فقد رأوا أن هناك كائنات متعددة غير أنهم أحسوا أن لهذه الكائنات جوهرا أساسياً واحدا.

كان هناك في ما يبدو إله كوني للسماء أطلق عليه «ور» أي الواحد العظيم، مع تأكيد خاص على طبيعته كإله للضياء، توحد في وقت لاحق مع «حورس»، وكانت الشمس والقمر هما عيناه. وقد حمل لقب “مخنتي إرتي” وتعني الذي في جبهته توجد عينان  .

وفي الليالي غير المقمرة أو عند حدوث محاق فإنه يصبح “مخنتي إن إرتي الذي لا توجد عينان في جبهته وفي هذا الوضع الأخير صوره خيال المصريين كإله حامٍ للأعمى للطبيب ولأولئك الذين يعانون من أمراض العيون، كما كان إله الموسيقيين الذين كانوا على الأغلب من العميان، بل هو الإله العازف على القيثارة.

وهذا الذمونج الشعبي من المعبودات يوضح كيف أن جوهراً إلهياً مطلقاً كما أخرجه العقل اللاهوتي أصلاً، يمكن أن تنزل به المعتقدات الشعبية إلى مستوى بشري في مجمل طبائعه.

ويبدو أن هذه المسافة بين التعدد والتوحيد ظلت قائمة بكل موجاتها ودرجاتها في الدين المصري القديم “ديانة قدماء المصريين”. فتحن لا نستطيع أن نجزم تماماً أن هذا الدين كان مشركاً بالكامل أو أنه كان ديناً موحداً بالكامل. إذ إن علينا كشف الفلسفة الروحية العميقة التي توضح طبيعة معتقداته في هذا المجال وكيفية تحولها وتطورها رغم كل ضجيج النصوص والقوائم الإلهية.

كان التثليث هو المبدأ الأكثر شيوعاً بعد التعدد، وهو “اتحاد ثلاثة معاً ليكونوا وحدة واحدة قوامها ثلاثة أجزاء، وهؤلاء الثلاثة إما أن يكونوا من النوع نفسه: ثلاثة آلهة، ثلاث إلهات، ثلاث صفات، ثلاثة أشكال، ثلاث كلمات.

ديانة قدماء المصريين

أو أن يكون انضمام ثلاثة من أنواع مختلفة: آلهة وإلهات في رابطة أسرية كالثالوث المقدس. وكان توظيف التثليث لهدفين مختلفين، الأول هو إدماج ووحدة لثلأثة في واحد، بمعنى أنه تثليث في وحدة، ووحدة في تثليث، والثاني هو أن الثلاثة يرمز بهم للكثير، وبذلك يكون التثليث رمزاً للوحدة وللكثرة في آن واحد ويمكن وصفه بأنه تعدد في وحدة، ووحدة في تعدد.

كانت جذور التثليث ضاربة في القدم، وربما امتدت إلى عصر ما قبل الأسرات، ولكن “من الناحية التاريخية، ظهرت ثواليث في عصر المملكة القديمة في مصر الفرعونية، مثل الثالوث الأوزيري وثالوث الجيزة وثالوث عين شمس المكون من أتوم وشو وتفنوت، كما ظهرت ثواليث في عصر الدولة الوسطى مثل ثالوث الفنتين وثالوث إدفو وثالوث دندرة وثالوث أرمنت الأول وثالوث إسنا الأول على أغلب الظن وثالوث اقفط الثاني.

كما تتبين من هذه الدراسة زيادة أعداد الثواليث التي عبدت في المدن والقرى والأقاليم المختلفة في عصر الدولة الحديثة عن نظيراتها في عصر الدولة القديمة والوسطى، وربما كان السبب وراء ذلك يكمن في حالة الرواج والازدهار السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي شهدته الامبراطورية المصرية الفرعونية في هذا العصر، واستمرت عبادة الثالوث في العصور التالية.

كان الثالوث صيغة مهمة في عبادات المدن والأقاليم المصرية بشكل خاص ضمن جغرافيا مصر القديمة، فقد كان للكثير منها ثالوث من الآلهة تتعبده وكأنه إله واحد. وكانت بدايات التثليث تعود لعصور ما قبل التاريخ المصرية مثل حضارة نقادة الثالثة، لكن نصاً واضحاً من نصوص الأهرام يكشف لنا بوضوح أن إله الشمس في الدولة القديم الذي كان يعبر عنه في صيغ الإله رع، هو خبري صباحاً ورع في الظهيرة وأتوم في الغروب، ولننظر ما يقوله المتوفر في نصوص الأهرام:

وترجمته هي “هم خلقوا هذا الملك مثل رع في اسمه هذا (الذي هو) خبر، أنت ظهرت لهم مثل رع في اسمه هذا (الذي هو) رع، ورجعت من أمامهم مثل رع في اسمه هذا (الذي هو) آتوم.

أما التوحيد فلا شك أنه آخر ثمرات العبادة المصرية، والذي لم يكتب له النجاح إلا في فترة الملك أخناتون الذي أسسه ودعا له، وتقول الينور بل دي موت “للمرة الأولى في التاريخ.

نرى فرعوناً يدعو الأجانب في صراحة تامة إلى عبادة إله يتعبد إليه شعبه ذاته، كما أنه للمرة الأولى كذلك تفهم الديانة كرباط يوحد بين البشر، على اختلاف أجناسهم وألوانهم ولغاتهم، فإله أخناتون لا يفرق أبداً بين المصرين وغيرهم، ممن كان القوم يطلقون عليهم اسم برابرة – لأن البشر أمامه سواسية.

ومن ثم فيجب عليهم أن ينظروا إلى أنفسهم؛ وكأنهم جميعاً أخوة، ومن ثم فإن هذه العقلية الغريبة – فيما يرى برستد – هي التي جعلت الأثرين يعتبرون الملك أخناتون النبي الأول في التاريخ.

 عقيدة التوحيد – ديانة قدماء المصريين

ولا شك أن عقيدة التوحيد للملك أخناتون ماتت في مهدها، لكنها أثرت في العالم المحيط بها تدريجياً، وربما وجدنا لها صدى أكبر في عقائد المنطقة التي كانت تمشي بخطى حثيثة نحو التوحيد لكنها لم تصله تماماً إلا في العصر الهلنستي “هذا وقد دلت الحفائر الحديثة في (السامرة) على أن هذه التصورات المصرية لإله الشمس العادل كانت شائعة الانتشار في الحياة الفلسطينية.

فقد كشف الحفارون في خرائب قصر ملوك بني اسرائيل في (السامرة) بعض ألواح من العاج منقوشة نقشاً بارزاً كانت تستعمل يوماً ما في التطعيم الزخرفي الذي كان يحلى به أثاث الملوك العبرانيين.

ومن بين تلك القطع قطعة نقشت عليها صورة إلهة العدالة (ماعت) يحملها إلى أعلى ملاك شمس مدينة هليوبوليس في وضع نفهم منه أنه كان على ما يظهر يقدم تلك الصورة لإله الشمس، وتصميم الرسم مصري في كل نواحيه، إلا أن صناعته تدل بوضوح على أن نقشه من صنع أياد فلسطينية.

ومن ذلك يتضح أن الصناع العبرانيين كانوا على علم ومعرفة بمثل تلك الرسوم المصرية القديمة، وأن وجهاء العبرانيين النين يجلسون عليها، ينظرون كل يوم إلى هذه الرموز التصويرية الدالة على إله الشمس المصري وهي تزين الكراسي نفسها التي يجلسون عليها.

ديانة قدماء المصريين ومرحلة التوحيد:

ولم يكن إله الشمس ذات الأجنحة المتأصلة في وادي النيل معروفاً عند العبرانيين بأنه إله عدالة فقط، بل كان كذلك معروفاً بأنه الإله الحامي لعباده الرؤوف بهم، وقد أشارت المزامير العبرانية أربع مرات إلى الحماية الموجودة “تحت ظل أجنحتك.

لم يكن الإله آتون جديداً كلياً عندما أعلنه أخناتون واحداً خالقاً للكون، بل هو إله قديم نسبياً كان مرتبطاً بالإله رع. ونعتقد أن له صله بالإله السومري القديم للشمس وهو (أتوا) ولكنه اندمج في اللاهوت المصري وذاب فيه و”كان آتون (أو رع حورآختي) هو الإله الخاص بأخناتون، في حين أن الإله الشخصي لأي فرد في المجتمع كان هو الملك ذاته – وكما حدد عالم المصريات أسمان طبيعته “فهو الإله الذي يظهر في المواكب.

والذي يقوم بإظهار العلامات والمعجزات، والذي كان يتدخل أيضاً في مصير الأفراد، ويقبض مقاليد الحياة والموت في يديه”. أما الموظفون في قصر أخناتون المنوط بهم رعاية المواقع الحساسة فكانوا موضع ثقة تامة، بالأفكار نفسها الموجودة في “التعليمات الموالية للملك” التي ترجع إلى الدولة الوسطى وظلت بعد ذلك مستمرة ومنتشرة.

فلقد كان الملك يناشد على أنه موزع لكل الأرزاق؛ وأغدقت عليه أيضاً الألقاب الخاصة بالإله الخالق، ولقد استحضر محافظ العاصمة أخيتاتون هذه الفكرة في عبارة «نفر خبرو رع هو الذي يحضر إلى الوجود (أي يخلق)” كاسم جديد لنفسه.

اشتد الجدل في الديانة المصرية

حول دور الإله الأب والإله الابن وعلاقهما بالفرعون أو الملك أو النبي، فقد ظهرت بوادر عقد الصلة بين الأب والابن والنبي، ونلاحط ذلك بوضوح في مرحلة أخناتون وطريقة ارتباطه بالإله أتون.

لم يكن هذا الوضع النظير المقابل للجنس البشري مجرد دور تقليدي للفرعون، فلا شك أنه كانت له أصول في حالة أخناتون الخاصة بصفته الابن المحبوب لآتون. فمن قبل، كان الفرعون يتدبر نفسه “ابن رع” ومن ثم فهو يؤكد أصله الإلهي. ولكن كان أخناتون ابناً لإلهه بطريقة أكثر من شخصية، وبهذا وضع بذرة الفشل لتعاليمه؛ لأنها تقوم دائماً وتسقط دائماً بشخصه ذاته.

وعند علماء اللاهوت المصري القديم، ظهر الجدل حول أن الأب والابن من جوهر واحد. في المنظر الثامن بكتاب البوابات، ظهر وصف جديد للعالم الآخر الذي يرجع إلى فترة تل العمارنة (قبل أخناتون أو بعده)، حيث نجد أتوم يعبر عن وحدته الكاملة مع رع بالصيغة الآتية: “أنا الابن الذي انبثق من أبيه، وأنا الوالد الذي انبثق من ابنه”، ملمحاً في الوقت ذاته في سياق الكلام إلى علاقة الأب – الابن بأوزيريس وحورس.

ومع دعوة آتون التوحيدية، تحرر الإله أتون من محليته وإقليميته وأصبح إلهاً عالمياً كونياً “وليس من شك في أن آتون لم يكن مجرد معبود قومي، وإنما بالأحرى منيراً للعالم بأكمله بوصفه إله الشمس الكوني، فلقد ظل أخناتون دائماً فرعون مصر ولم يكن نبياً لكافة البشر.

وعلى المستوى الظاهري بكل معنى الكلمة، نعرف من ألقابه: أن أخناتون كان «رب الأرضين» أي مصر بينما كان آتون رب العالم، وكان يعبر عن ذلك بشكل ملموس “بالسماء والأرض. وكانت التقوى الشخصية في ذلك الوقت تكمن على وجه الحصر في الولاء للملك، المقصود به أخناتون كشخص، ولم تكن هناك وساطة يمكن تخيلها. ولقد قمنا من قبل بالإشارة إلى المناشدات الزائدة المفرطة التي كتبها موظفوه على هيئة ابتهالات حقيقية نظموها ووجهوها إليه.

  • من بين الاكتشافات الاثرية البارزة ما يسمى بتلاتات، والتي تعود إلى عهد الملك أخناتون في هرموبوليس ” قرية الأشمونين, المنيا “, حيث تم العثور على هذه الكتل الصغيرة العديدة في معبد رمسيس الثاني ومن المحتمل أنها من منطقة العمارنة القريبة.
  • التلاتات، والمعروفة أيضًا باسم تلاتات، هي كتل حجرية مميزة استخدمت في بناء المعابد الجنائزية المخصصة لعبادة الالهة المصرية القديمة والمباني الدينية الملكية خلال فترة العمارنة في مصر القديمة بفترة حكم الملك امنحتب الرابع. يأتي هذا المصطلح من الكلمة العربية “طلعت” وتعني “الثلاثي”، وكان يستخدمه العمال أثناء التنقيب عن الكتل.
  • أهم مجموعات هذه التلاتات تأتي في الأصل من معبد الاله اتون ضمن مجمع معابد الكرنك بالاقصر خلال أوائل عهد حكم الملك أخناتون أشهر ملوك الاسرة المصرية الثامنة عشر بالإضافة لمدينة من آخت آتون، تل العمارنة في المنيا حاليًا. تم نقل معظم هذه الكتل من تل العمارنة إلى هرموبوليس على الضفة المقابلة لنهر النيل خلال فترة ما بعد العمارنة. وهناك، تم إعادة اكتشاف حوالي 1500 منها خلال أعمال التنقيب علماء المصريات والاثار الألمانية بين عامي 1929 و1939 تحت إشراف مدير المتحف غونتر رويدر في أساسات معبد للإله تحوت من عهد الملك رمسيس الثاني أشهر ملوك الاسرة المصرية التاسة عشر بفترة المملكة الحديثة لمصر القديمة الفرعونية.
  • على الرغم من فشل فريق التنقيب في التنقيب الكامل في موقع هرموبوليس طلعت قبل الحرب العالمية الثانية، إلا أن عددًا من الكتل انتهى بها الأمر في مجموعات ومتاحف خاصة مختلفة. ويمكن العثور على مجموعات مهمة من هذه القطع، على سبيل المثال، في متحف متروبوليتان للفنون ومتحف بروكلين في نيويورك.
  • تم إعادة اكتشاف معظم كتل الكرنك في الصرح التاسع لمعبد آمون الكبير، حيث تم تركيبها في زمن حورمحب.
  • وعلى النقيض من التلاتات الموجودة في تل العمارنة والمصنوعة من الحجر الجيري، فإن هذه التلاتات مصنوعة بالكامل تقريبًا من الحجر الرملي. في المجمل، تضم المجموعة هنا أكثر من 40.000 قطعة، والتي يوجد منها حوالي 850 قطعة وحدها.

ديانة قدماء المصريين – جذور الآلهة (الطبيعية والفتيشية والطوطمية)

لم تكن الآلهة المصرية تصورات مجردة أو شكلاً من أشكال التعبير الذهني عن القوة السارية في الطبيعة. بل كانت منغمسة الجذور في كل مظاهر الطبيعة، وذات أصول مغرق في المعتقدات السحرية الفيتشية والطوطمية.

لقد كانت الطبيعة بمعناها الواسع المنهل الأول الذي نهلت منه الديانة المصرية آلهتها ولاهوتها وطقوسها. فقد شكلت مظاهر الطبيعة من سماء وأرض وشمس وكواكب ومياه وأنهار ونباتات وحيوانات وأشياء مصنوعة إيحاءات بأشكال وصور الآلهة بل وحتى بعقائدها.

عبدت الكثير من الآلهة بشكلها الحيواني، وعبد الإله سوبك على شكل التمساح في الجلين ودندره وسايس “نيت” ولاحقاً في اليوم.

وهناك حيوانات خرافية مركبة لا بشكل (حيواني بشري)، بل تجمع في تركيبها أكثر من حيوان؛ مثل كائن (سيجات) الأسطوري الذي يجمع بين رأس الطير وجسد البقرة بأثداء متعددة وأرجل أمامية للكلب وخلقية للبقرة أو الحصان وذيل للأسد ينتهي بزهرة اللوتس، ويذكرنا هذا الكائن بالكائن الخرافي البابلي (موش خوش) المرافق للإله مردوخ، وتستعمل هذه الكائنات للإيحاء بتعدد الأرواح فيها وقوتها.

وهناك رموز فيتشية طبيعية دخلت في تكوين ووظيفة الآلهة، مثل قلم الكتابة عند الإلهة سشات إلهة الكتابة وقرينة تحوت، والرمح عند الإله (حاء) الإله الحارس للموتى كما في الشكل:

التشبيه بالإنسان 

وكما تأملنا في الجذور الطبيعية والفيتشية والطوطمية للآلهة. لابد لنا من تأمل أرقى مرحلة دينية تصور فيها المصري آلهته وشبهها بها، وهي التشبيه بالإنسان، قبل أن يصل إلى المرحلة التجريدية الأخيرة التي حاولت الظهور بها توحيدية أخناتون حيث تم تجريد الإله ولم يبق سوى تشبيهه بالشمس.

وفي ظننا أن أول تشبيه للآلهة بالإنسان انطلق من فكرة أن الملك أو الفرعون (الذي هو الإنسان)، كان إلهاً؛ فقد كسرت هذه الفكرة الحواجز بين الإله والإنسان، كما أن أساطير الخليقة المصرية الخاصة بالإنسان لا تفرق كثيراً بينه وبين الآلهة.

ثم قام المصري بالخطوة اللاحقة حين صور الآلهة بجسد بشري ووجه حيواني يشير إلى جذوره أو رمزه القديم، وجاءت المرحلة الأخيرة حين أصبح شكل الكثير من الآلهة جسداً ووجهاً ولباساً كما الإنسان، وقد ألهمت هذه الخطوة كهنة الإغريق ومفكريهم وانتشرت فكرة تشبيه الآلهة بالإنسان في كل معتقداتهم وتصوراتهم عن الآلهة بما في ذلك فنونهم التي تعتبر أكبر الشواهد على هذا الأمر. 

الدين المصري القديم – ديانة قدماء المصريين

الأخلاق والشرائع الدينية في حضارة مصر القديمة وما هي اسرار السرديات المقدسة عند الفراعنة, اكتشف حقائق خول سرديات الوزراء والكهنة وتاريخ الأنظمة اللاهوتية في . الحضارة الفرعونية

تشكل السرديات المقدسة العنصر الثاني من المكونات الثانوية لأي دين، وهي ليست بالأساطير لكنها سرديات خاصة بالأبطال الروحيين والأنبياء والكهنة والأحداث الدينية المهمة. وتكون هذه السرديات، بطبيعة الحال، أقل قداسة من الأساطير لكنها كانت تأخذ مداها الكبير على الصعيد الشعبي في زمنها ويتم تداولها كما الأساطير وربما أكثر من الأساطير، لكنها تتعرض، عادة إلى إضافات وتعديلات على مذ العصور.

سرديات الملوك والفراعنة:

كان ملوك الفراعنة في مصر بمثابة آلهة على الأرض، ولذلك كانت سردياتهم مقدسة؛ فقد وردت القصص والسير الكثيرة عن بعض هؤلاء الملوك في مرجعيات مختلفة من كتابات البردي وجدران المعابد والقبور، بل إن بعضها تسرب إلى أمم وشعوب أخرى وجرى تحويره وإعادة إنتاجه بطريقة تناسب تلك الشعوب، وتسرب منها إلى عصور لاحقة تحت مسميات جديدة وهكذا.

ولا شك أننا لا نستطيع، في مجال ضيق كهذا، أن نعيد سرد قصص الملوك والفراعنة المصريين هنا ولو بخلاصات بسيطة، فهناك الكثير منها ولكن بعضهم حظي بشهرة واسعة أكثر من البعض الآخر وهو ما يجعلنا نشير إلى أسمائهم بوضوح مثل (الملك نعرمر، الملك خوفو، الملك أوناس، الملك أحمس الأول، حتشبوت، أخناتون، الملك رمسيس الثاني، الملكة كليوباترا السابعة).

سرديات الوزراء والكهنة الكبار:

حظي الكثير من وزراء الفراعنة والكهنة الكبار باهتمام تاريخي واسع وتناقلت أخبارهم الآثار والكتب، ولعل أشهر وزير هو (إمحوتب) مهندس هرم زوسر المدرج بسقارة الذي كان عبقرية استثنائية في العلوم وخصوصاً الهندسة العمارة في مصر القديمة والطب والذي طابقه الإغريق مع إسكلايوس إله الطب عندهم، وهو أول فلكي وهو أحد ألغاز التاريخ المصري بظهوره المفاجئ واختفائه المفاجئ، فقد كان وزير الملك زوسر من الأسرة المصرية الثالثة، لم يعثر على مقبرته، وهناك تماهيات كثيرة بين شخصيته وأفعاله وشخصية الإله تحوت إله الكتابة والمعرفة والعلوم في مصر القديمة وكذلك مع شخصية هرمس أو إدريس.

 سرديات الأنبياء:

السرديات التي كان مصدرها التوراة حول (إبراهيم وموسى ويوسف) كانت هي السرديات الأكثر شهرة في الأديان التوحيدية، لكن رصيدها في تراث وآثار مصر كان معدوماً. فليس هناك ما يؤيد وجودهم على المستوى الآثاري، وهناك تأويلات محتملة ولكنها غير مؤكدة. ويبقى حضورها فاعلاً في التراث الديني اللاحق وعلى مستوى الأديان الموحدة والغنوصية بشكل خاص.

سرديات دينية معادة الإنتاج في تراثات أمم أخرى – ديانة قدماء المصريين

مثل قصة أوديب والتي كشف إيمانويل فليكوفسكي في كتابه (أوديب وأخناتون) عن أن أوديب هو أخناتون، وأن طيبة أبو الهول ولغز أوديب موجودة كلها في مصر وكذلك ربما تكون أهرامات الجيزة الثلاثة وتمثال أبو الهول بالقاهرة المادة الأولى والباعث الأساس في حكاية (أهل الكهف)، رغم أن “قصة أهل الكهف قصة عربية بامتياز، فهي لم ترد إلا في القرآن، وفي المصادر العربية الأخرى كتعليق على ما ورد في القرآن وشرح له. لكنها لم تكن قصة إسلامية؛ إذ كانت، حسب المصادر العربية، في صلب النقاش بين اليعاقبة والنساطرة من المسيحيين العرب في الجزيرة قبل الإسلام، وفي فجره.

كما كانت لها حصتها من الجدل بين الإسلام، كدين جديد، والمسيحية العربية. غير أن كونها أسطورة عربية لا يعني أبداً أنها تتناول مسائل دينية تخص الجزيرة العربية فقط، بل هي على علاقة بجوهر ألياف المنطقة، وعلى الأخص ديانة الأهرام. نعم، ديانة الأهرام. بل وأهرامات الجيزة الثلاثة على وجه الخصوص أيضاً. لكن قشة صغيرة فقط هي التي خبأت دوماً العلاقة بين قصة أهل الكهف وبين أهرام الجيزة.

إزاحة هذه القشة سيجعل كل عين تفاجأ بأنها قادرة على رؤية الشبه الصاعق بين القصة وديانة الأهرام. ونظن أنها قشة الحذر والخوف التي حجبت الصلة البينة بين ديانة الأهرام وأهل الكهف. فإذا ما أزحنا هذه القشة فسوف نجد أن هناك شبهاً.

بل وشبهاً صاعقاً ربما بين الأهرام وأهل الكهف. أو قل سنجد أن قصة أهل الكهف تكون مطروحة بالحجر على هضبة الجيز.

الجماعة الدينية في حضارة مصر القديمة:

ربما بدا الدين المصري القديم متجانساً من الخارج، لكنه كان يحفل بتيارات وجماعات دينية اصطرعت مع بعضها وتحاورت لزمن طويل؛ فقد كان الصراع واضحاً قبل توحيد مصر في عصر الملك مينا، بين عبدة حورس وعبدة ست، فقد كانت مدينة أمبوس (نوبت) في الجنوب مركزاً لعبادة الإله الصحراوي ست والذي يتميز بالقوة والشراسة والشر.

أما في الشمال فقد كانت مدينة بخبرت مركزاً لعبادة الإله الصقر حورس، وهو إله الشمس وابن أوزيريس إله الخصوبة. وحين دار بينهما صراع سياسي انتصرت، أولاً، عبادة حورس وكونت عاصمة موحدة للبلاد كلها في (أون)، ثم انفصلتا ونشأ صراع آخر عبر عن نفسه بين الإلهة الأفعى في الشمال (بوتو) والإلهة أنثى النسر (الرخمة) في الجنوب في مدينة (الكاب)، وفي المكانين سادت بعد ذلك ديانة الشمس لـ ( حورس) والتي عبرت لاحقاً عن وحدة مصر السياسية والدينية.

وعلى صعيد آخر كانت الديانة المصرية القديمة تظهر تمايزاً واضحاً بين نوعين مختلفين من الديانة وهما الديانة الشعبية التي كانت تتمسك بعوامل الخصب والزراعة والتي مثلها (أوزوريس) وصراعه الدوري مع الصحراء (ست) الذي هو بمثابة الموت. والديانة الرسمية الشمسية التي كانت ديانة الفرعون والطبقة الحاكمة التي كانت تجعل من الإله (رع) رمزاً لها وهو الإله الشمس في مقابل عوامل الظلام التي كان يمثلها كائنات شريرة كثيرة.

والصراع اليومي كان يتمثل في صعود وهبوط الشمس ودورة الليل والنهار، وكان لكل ديانة عناصرها وآلهتها ومراسيمها الخاصة ثم تسربت من الديانتين هذه العناصر لبعضهما ونشأت عقائد مشتركة ساهمت في إثراء الديانة المصرية.

أما على صعيد الأنظمة اللاهوتية فقد نشأت منذ بداية الحضارة المصرية وديانتها سبعة أنظمة أو مدارس أو عبادات لاهوتية تفسر خلق الكون والآلهة والإنسان (لاهوت التكوين) ومراحل الخليقة اللاحقة،

Ancient Egypt civilization

 الأنظمة اللاهوتية عند الفراعنة – ديانة قدماء المصريين

لاهوت الإشمونيين:

نشأ في هرموبوليس، وأظهر هذا النظام ثمانية آلهة بعد العماء وقد ذكرناهم، وقد قاد هذا اللاهوت بسبب أحد هؤلاء الثمانية وهو (تحوت) إلى اختراع الكتابة وظهور الحضارة، ولكن هذا اللاهوت أصبح باطنياً مع تقادم الزمن وأصبح حاضنة لنشوء الهرمسية من خلال تحوت، وأصبح آلهته على علاقة بالعالم الأسفل. في حين انتصر لاهوت عين شمس لأنه كان يمجد الشمس بوضوح.

لاهوت أبيدوس:

كان هو اللاهوت القديم للإله أوزيريس، وهو بمثابة اللاهوت أو العقيدة الشعبية لأهل مصر القدماء، وقد كان مرافقاً لنشوء الدولة القديمة، فقد اندمج بإله الموتى والجبانة الذي هو (أمنتيو) وأصبح إلهاً للمناطق الغربية ثم كون ثالوث ابيدوس المعروف (أوزيريس، إيزيس، حورس).

وذاعت أسطورته في حربه مع إله الصحراء ست الذي قطعه ورمى قطع جسده في الأقاليم لكن إيزيس التي تلد حورس تقوم بجمع قطعه (دلالة على توحيد الأقاليم) وحرضت حورس على الانتقام لأبيه، وهكذا أصبح كل ملك في الحياة هو تجسيد لحورس (الشمس) وعندما يموت يكون تجسيداً لأوزيريس.

 لاهوت عين شمس:

التي كانت ترى أن الوجود كان فيه عماء مطلق مائي هو (نون) ظهر منه الروح الإلهي الأزلي الأول وهو (أتوم) الذي وقف على تل ثم صعد فوق حجر هو (بن بن)، في منطقة أون (هليوبوليس)، على شكل مسلة هي رمز الشمس، ثم قام هذا الإله الواحد بامتزاجه بظله أو باستمنائه بإنتاج كائنين للفضاء والنور هما (شو) والآخر هو للرطوبة والندى هو تفنوت.

وتزاوج هذان وأنتجا السماء (نوت) والأرض (جب) ثم فصل شو بينهما، وظهر من تزاوج الأرض والسماء أربعة آلهة هم (أوزريس، إيزيس، ست، نيفتيس) وسمي هذا النظام بـ (التاسوع المقدس الإلهي) لظهور تسعة آلهة (تاسوع عين شمس).

لاهوت منف:

طورت ممفيس بعد أول توحيد حاسم لمصر على يد مينا لاهوتاً متماسكاً ومنطقياً من خلال الإله (بتاح) الذي ظهر وكأنه أب الآلهة جميعاً وخالقها من خلال الكلمة (كلمة الخلق). وقد كون هذا اللاهوت ثالوثاً يقف على قمته بتاح ويتكون من (سخمت وبتاح وابنهما نفرتوم) قابله الإغريق بإله الحدادة (هيفايستوس). ولاهوته يقضي بأن القلب يوحي بالفكرة واللسان هو الذي ينطق بها.

لاهوت طيبة:

طورت طيبة (واست) منذ عصر الدولة الوسطى وجعلت من الإله (آمون) هو الإله الأزلي الأول وجعلوا منه إلهاً خفياً وأن ظهوره أو تجليه يكون من خلال الشمس (آمون – رع). كما رمزوا له بهيئة الثعبان الذي يختفي في العالم الأسفل.

وأصبح له اسمان أساسيان هما (آمون: الخفي) و(إيرتا: خالق الأرض)، ثم جعلوه يستولي على لاهوت الاشمونيين ولاهوت عين شمس ولاهوت منف، ويمثل هذا الإجراء الديني صدى لإجراء سياسي واسع عندما تحولت مصر إلى إمبراطورية في الدولة الحديثة وسيطرت على مصر كلها وهضمت تراثها ورحلت به إلى مناطق مجاورة.

لاهوت العمارنة (أخناتون):

وهو لاهوت خاص ونادر ارتبط بثورة التوحيد الدينية التي قام بها أخناتون (أمنحتب الرابع) حين أزاح جميع الآلهة وأبقى الإله (أتون) إله الشمس إلهاً وحيداً للعالم كله وليس لمصر فقط.

لاهوت الإسكندرية:

مع بدء المرحلة الهلنستية وسيادة البطالمة على مصر ظهرت الحاجة واضحة للاهوت عالمي جديد يجمع بين الإغريق والمصريين، وكان هذا اللاهوت متمثلاً بالإله سرابيس وزوجته إيزيس وابنهما هيربوقراط، هذا على المستوى الرسمي أما على المستوى الشعبي فقد شهد ميلة نحو السحر والعقائد الباطنية والمسارية بشكل خاص، ومن مكتبة الإسكندرية وكثابها وفلاسفتها الكبار ظهرت الصياغة الجديدة للهرمسية والغنوصية التي كانت بمثابة نقطة التحول الحاسمة باتجاه التوحيد. 

ديانة قدماء المصريين الفراعنة

حقائق الديانات المصرية القديمة الفرعونية, اكتشف اسرار تطور الدين في حضارة مصر القديمة واسطورة الاله تحوت واكتشافات كتاب عذراء الكون والمزيد. 

المسارية بالديانات القديمة, طقوس تلقين الأسرار, شعائر دخول الأبواب المقدسة عند المصريين القدماء الفراعنة, أسطورة تحوت, كتاب عذراء الكون والمزيد من اسرار الحضارة الفرعونية.

الباطنية في ديانات الأسرار المصرية:

المسارية عند الفراعنة:

المسارية تيار شامل اجتاح الديانات القديمة وشكل جزءاً باطنياً عميقاً من تلك الديانات، وتمتاز بالسرية والغموض. وتعتبر المسارية المصرية من أعرق ديانات الأسرار في التاريخ، وهذا يعني بشكل عام، أن أغلب الديانات القديمة ومنها الديانة المصرية لها شكل عام يعرفه الجميع ويمارسه، ولها شكل خاص تعرفه قلة خاصة وتمارسه في الخفاء وتحيطه بالسرية والرموز والغموض ولا تسمح بكشف أسراره للعامة.

وحتى لا نضيع في متاهات الأفكار السطحية التي يكتبها كتاب مبتدئون عن هذا الموضوع نقول إن المسارية اختصت، إلى حد كبير، بعالم ما بعد الموت وآلهته وكيفية الوصول إليهم والتوحد بهم، من أجل الخلاص (قبل الموت) حتى يضمنوا التعرف عليهم بعد الموت، وحتى يصلوا إلى نشوة التوحد مع الآلهة أو “الإله الواحد” بهدف تنقية الروح من الأدران التي علقت بها من الجسد الدنيوي المادي.

ليست الفكرة الوحيدة ها هنا في التغلب على قوى الموت والظلام، لأن ذلك موجود بالفعل في فكرة التوحد مع الإله. وتلك هي المسألة الإلهية التي تقضي بالذوبان الكامل في ذات الإله والتوحد به، فتحقيق ذلك هو الأمل المنشود من وراء كل الممارسات. وهذا لا يدل على فقدان الشخصية الفردية ولكنه تعويض عن فناء الجسد وحلوله في شكل أبدي الوجود، وتعويض عن تفتح بذرة الشخص وتشعبه في تربة هذه الحياة الفانية للانتقال إلى حالة الأبدية والخلود.

مسارية العبور: طقوس التنشئة (تلقين الأسرار) – ديانة قدماء المصريين

تعتبر مصر المهد الأول الذي خرجت منه طقوس تلقين الأسرار أو طقوس التنشئة، التي هي عبارة عن طقوس غامضة كان الغرض منها تهيئة المرشحين للكهانة لهذا المنصب، وقد أثرت مصر على اليونان في هذا المجال، ويبدو أن طقوس التنشئة كانت تجرى لنوع معين من الكهان السريين الذين كان جلهم من السحرة والعرافين والمنجمين.

وكان الأساس في طقوس التنشئة أن يتعرض هؤلاء المرشحون إلى مجموعة من الاختبارات القاسية التي تتضمن نمطاً خاصاً من تعاليم الأسرار. وكان المرشح خلال فترة التكريس يقضي وقته في كهف أو نغق تحت الأرض على عدة مراحل؛ حيث يدخل إلى هذا النفق أو البئر الذي له ممر وهو يحمل مشعلة بيده ويصادف بوابة موصدة ثم مخلوقات مزيفة، وتعرض عليه الفرصة الأخيرة للتراجع والعودة، ثم يجتاز خط النار ويسبح في جدول تحت الأرض فيصل إلى بوابة أخرى تنفتح له وتنبعث منها ريح عاتية تطفئ المشعل الذي في يده، ثم يرمى في حفرة.

وعندما يصل مرحلة الإرهاق تفتح بوابة من العاج ويجد نفسه في معبد الإلهة إيزيس الفخم حيث يكون في استقباله الرهبان ثم يقوم بعد ذلك بالصوم وتلقي الدروس. وفي تلك المرحلة يصبح المرشح مؤهلاً لتسنم الدرجة الكهنونية.

وكانت هذه الشعائر تختلف من زمن لآخر ومن درجة لأخرى لكن مبدأها العام يظل واحداً. وقد قدمت لنا إشادي لوبكز عرضاً موسعاً لطقوس التنشئة المصرية المسماة (هيرباك  والتي تعني حرفياً حبة الصوص أو حمصة الكتكوت وهو الاسم الذي يطلق على الصبي الذي يبحث عن طريقه حتى يصبح اسمه (وجه حور).

ديانة قدماء المصريين:

وهو الوجه المفلطح الذي تبدو عليه طيور حورس حيث يكون الطريق ممهداً للذهاب إلى المعبد ومن هذه المرحلة تبدأ خطوات التنشئة والتعليم السري. وكانت هذه الطقوس تجري بين السلالتين الأسرة الثانية عشر الاسرة المصرية العشرون في معبد الكرنك.

وهناك نوع آخر من هذه الطقوس السرية التي كانت تجري عند مراسم تتويج الفراعنة ولكهنة طيبة الكبار من أجل تكريسهم في مناصب كهنوتية خاصة يتمتع الكاهن في نهايتها بالقدرة والصلاحية المطلقة للاطلاع على جميع الكتب المقدسة المكتوبة بالهيروغليفية وأن تكون له الصلاحية في انتخاب الملك (في حالة الانتخاب).

وكانت طقوس تلقين الأسرار في طيبة تجري على سبع مراحل تسبقها مرحلة تمهيدية ينال المرشح فيها سبع درجات كهنوتية سرية بعد أن يمر بطقوس وشعائر في غاية القسوة والتعقيد والغموض، لكل درجة منها اسم معين وكلمة سر محددة وإشارة تعارف خاصة واسم لمكان محدد يدخل فيه المرشح ويتعرض فيه لامتحان وتحديات خاصة.

ويرتدي فيها لباساً خاصاً ويقوم أثناءها بواجب معين ويتلقى نمطاً معيناً من العلوم المقدسة. وفيما يلي خلاصة لطقوس تلقين الأسرار التي كانت تجري في طيبة منقولة عن نصوص هيلنستية عرضها كتاب أركون دارول.

المرحلة التمهيدية: يقدم الملك بنفسه الكاهن المرشح إلى كهنة المعبد، ويقوم الكهنة بإرساله إلى أون أو منف للتدريب قبل إرساله إلى طيبة حيث يتم ختانه ويمنع عنه اللحم والسمك والخمر (وهو نوع من الصيام).

وفي طيبة، يدخله الكهنة في كهف ويطلبون منه كتابة انطباعاته، ثم يقودونه عبر ممر محمولة على أعمدة تحوت (هرمس) حيث يقوم بتعلم ما كتب عليها، ثم يأتي الكاهن الذي رشحه واسمه (مينياس) حاملة سوطاً لإخضاعه، ثم تربط عيناه وتشد يداه.

شعائر دخول الأبواب كما يلي:

الدرجة الأولى (القبلية):

حيث يدخل المرشح الباب الأولى وتكون كلمة السر آمون أي الخفي، أما العلم الذي يتلقاه فهو الطب، وتكون إشارة التعارف عن طريق المصافحة، ويرتدي المرشح ثوباً هرمياً خلف عنقه ياقة اسمه زايلون. وتقرأ عليه قوانين (كراتا ريبوا) وعليه أن يوافق عليها.

ويتعرض المرشح للرياح والأمطار والرعود والبروق. ثم يقسم تحت حد السيف أمام زعيمه بالولاء المطلق. ثم يوضع بين عمودين يحملان سلماً مؤلفاً من بضعة درجات خلفها ثمانية أبواب من مختلف المعادن تتدرج في نقاوتها وترمز إلى الروح الهائمة، ثم يوكل بمهمة حراسة الباب.

الدرجة الثانية (الجلد الجديد):

 حيث يدخل المرشح البوابة الثانية بكلمة السر هيف أي الأفعى، أما العلم الذي يتلقاه فهو الهندسة والعمارة، وتكون إشارة التعارف عن طريق تقاطع الذراعين على الصدر، ويستمر زعيم الطائفة بتلقينه الدروس.

ويتعرض المرشح للمياه بعد أن ترمى عليه أفعى، ثم يدخل غرفة مليئة بالأفاعي ويقاد إلى عمودين شاهقين بينهما حيوان خرافي هو الخرين (نصفه نسر ونصفه أسد) يدفع أمام عجلة ذات أربع أوشحة تمثل الفصول الأربعة.

الدرجة الثالثة (حامل السواد):

وهي درجة الدخول إلى عالم الموت حيث يدخل المرشح إلى غرفة مملوءة بنماذج من التوابيت والجثث المحنطة والمسارح وأدوات التحنيط، ويتلقى هنا علوم تزويق التوابيت والنقوش الهيروغليفية، وتكون إشارة التعارف عن طريق المعانقة، والملابس السوداء هي السائدة.

وحين يدخل الغرفة يسأل المرشح إن كانت له صلة باغتيال سيده، وعند إجابته بالنفي يهاجمه شخصان من حاملي الجثث ويقودانه إلى قاعة فيها أعضاء هذه الدرجة وهم  يرتدون الأسود. ويسأله الملك أن يرفض هذا الامتحان ويعرض عليه التاج الذهبي، لكن المرشح يرفض ذلك ويدوس على التاج.

فيأمر الملك أتباعه بضربه فيهوون بالفأس حتى يصل إلى رأسه دون أن يمزقه، ثم يطرح أرضاً ويلف باللفافات فيبكي، ثم يقاد إلى بوابة (ملجأ الأرواح) التي تفتح فينطلق منها البرق الذي يصعق الرجل الميت ظاهرياً ثم يوضع في القارب مع الحكماء الذين يلقون عليه أسئلة، يبقى بعدها في العالم الأسفل وترفع عنه اللفافات. وتستمر أيام الغصب الإلهي هذه (في هذه الدرجة) لمدة سنة ونصف.

الدرجة الرابعة (حامل الإيمان) ديانة قدماء المصريين

وهي درجة الدخول بقوة في معركة الجحيم حيث يلبس المرشح سيفاً ودرعاً وتكون كلمه السر (يوا) أما العلوم التي يتعلمها فهي الحكمة، واللون السائد هو الأزرق.

ويتعرض فيها المرشح لثلاثة أنواع من الأجواء: الأولى دخوله مسلحاً عبر ممرات مظلمة يلاقي فيها شخصيات مخيفة المظهر حاملاً المشاعل والأفاعي.

ويدافع عن نفسه لكنه يؤخذ كسجين وتربط عيناه بعصابة وعنقه بحبل ويسحب إلى الجو الثاني حيث قاعة جميلة فخمة مزوقة فيها الملك وكبار القوم حاضرون ويرتدون اللون الأزرق، ويهنئ الخطيب العضو الجديد ويعطيه شراباً اسمه سايكي عبارة عن عسل ولبن وماء ونبيذ وثريد وربما شراب مخدر، ويلبس المرشح جزمة أنوبيس ودرع إيزيس ورداء وخوذة أوركس ويعطى سيفاً ويطلب منه قطع أول شخص يقابله في الكهف القادم والعودة إلى الملك.

ويمثل الكهف الجو الثالث حيث يشاهد امرأة جميلة يقطع رأسها وهي زوجة ثعبان الظلام تيفون ثم يرتدى الملابس ويدرج اسمه في كتاب الحكماء ويمنح وسام إيزيس.

الدرجة الخامسة (بالاهتي):

حيث كلمه السر هي كيمياء والعلم الذي يتعلمه هو الكيمياء، ويشاهد المرشح مسرحية يكون فيها هو الشاهد الوحيد، ومرشحو الدرجة الخامسة يظهرون وكأنهم يبحثون عن شيء، وحين يظهر تيفون ثعبان الظلام يصرعه بسيفه وهنا يعلم المرشح أن تيفون الذي يمثل النار برغم رهبته لكنه مفيد ولن يستغنى عنه.

الدرجة السادسة:

حيث كلمة السر هي أبيس والعلم الذي يتعلمه المرشح هو علم الفلك، حيث يقاد إلى بوابة الموت وتعرض عليه جثة ملقاة في الماء ويُحذر من المصير نفسه إذا ما خرق قسمه، ويعطى دروساً في الفلك ثم تتم قيادته مرة أخرى إلى بوابة الآلهة حيث يرى صورة الآلهة وتروى له سيرتهم، وفي هذه الأثناء تعرض رقصة الكهنة التي تمثل طريق الأجساد السماوية، ويشاهد قائمة بأسماء أعضاء هذه الطائفة السرية.

الدرجة السابعة (درجة الأنبياء):

حيث يطلق على العضو اسم (سافيناث بانكا) أي (الذي يعرف كل الأسرار)، وكلمة السر هي (ادون) وتكشف للعضو جميع الأسرار بعد موافقة الملك وأعضاء الدرجة العليا. ويرتدي العضو لباساً فضفاضاً مقلماً بالأبيض، أما إشارة التعارف فتكون في إخفاء ذراعيه وهي مكتوفة داخل رداء عريض الأكمام.

ويخرج العضو سراً من المدينة إلى دور مشيدة مربعة محاطة بأعمدة يوضع بجانبها على التناوب درع وتابوت. وتحكي غرف تلك الدور قصة الإنسان وتسمى (مانيراس)، ويشرب شراباً خاصاً ويقال له بأن جميع المحاكمات انتهت الآن، ويستلم العضو صليباً له دلالة غريبة ويطلب منه ارتداؤه دائماً.

ولا تخفى على القارئ المؤثرات الإغريقية والمسيحية واليهودية، بل وطريقة المحافل الماسونية، على طقوس تلقين الأسرار المصرية، ولذلك نضع علامة استفهام كبيرة أمامها، ولا شك أن هذه النصوص التي دونت عنها هذه الطقوس هي متأخرة. رغم اعتقادنا الصارم بأن جوهر هذه الطقوس كان يقام في مصر القديمة ولكن بعض التفاصيل حملت هذه المؤثرات اللاحقة والتي سببتها عمليات النقل بين اللغات والأديان.

وإنه مما يؤكد وجود طقوس التنشئة وتلقين الأسرار هو انتشارها بشكل واسع في بعض النصوص واللوحات المرسومة، وتنعكس في أجواء هذه الطقوس كما لاحظنا عوالم الموت المصرية والطقوس الجنائزية لما بعد الموت.

مسارية التحول (التناسخ) ديانة قدماء المصريين

ابتكر المصريون فكرة الروح المادية (كا) أولاً، وسموها القرين، وهي الملازمة للجسم وللمكون المادي الذي يمكن أن تحل فيه مثل التمثال أو الصورة أو المومياء؛ وهي عبارة عن شبح يعكس شكل الجسم الحقيقي وإلا يمكن للإنسان أن يراه، وهي أقرب لفكرة النفس.

ثم تطور الأمر أكثر عندما ابتكروا فكرة الروح غير المادية أو المثالية وتسمى (با)، والتي مثلوها على شكل طائر له رأس إنسان، وتظهر عندما يموت الإنسان وتصله بالعالم الإلهي وهي ما نطلق عليها فكرة الروح.

وكانت الروح (با) هي التي يجب أن تتخلص من الشرور المادية وأثرها عليها، إما عن طريق الطهارة والطقوس الخاصة كالتعميد، أو عن طريق التحول أي التناسخ؛ حيث تتحول الروح المذنبة إلى عدة أشكال حيوانية قبل أن تصل إلى الشكل الإنساني.

الطقوس المسارية تجسد هذا التحول وتظهره بل هي تمنعه وتجعل الروح (أثناء الحياة) بمنأى عنه، وهذا يتم بالدرجة الأساسية عبر الاطلاع على الأسرار وهو ما يمنع التحول.

هذا بالضبط هو الذي أنشأ فكرة الغنوصية، لاحقاً، فالغنوصية (عرفان) هي معرفة الروح بأنها جزء من ذات الإله، واطلاعها على الأسرار الخاصة بذلك هو ما ينقذها من الهلاك أو التحول. الأمر الذي لا تقدر عليه العامة، ولذلك يمكن للخاصة (المساريون والغنوصيون) معرفته وإيجاد الخلاص المناسب.

التخلص من التحول (التناسخ). هو سر أسرار المسارية التي ترتبط بتلك العمليات السحرية التي يستطيع بها من يعتنق الأسرار أن يحرر نفسه من خلال مروره بالطرق السحرية عبر الدورة كاملة لكن بشكل تصويري ورمزي عقلي، والآن فإن هذا يفترض أن الراهب يتعين عليه المرور من خلال اتخاذ أشكال حيوانات عدة، ومن خلال تلك الدراما التي حددها وقدر لها كتاب الموتى.

المساري إذن يتعرف على الأسرار من خلال أدائه لدور في دراما التحول حتى يعرف ما سيحصل له، وحينها سيتخلص مما سيحصل. هذه هي الفكرة الجوهرية في ديانات الأسرار كلها.

لا شك أن تلك العملية انطوت على تحقير للذات وعلى محاكاة تصويرية أيضاً، فنحن نجد الراهب يزحف على بطنه كالثعبان، ثم يجثو على أربع مثل كلب أو ثعلب، ويلتحف جلد حيوان، حتى يتم نضجه ورقيه إلى الصورة الإنسانية، وبالطبع كل هذا تصويري، وبعد رقيه ينتصب قائماً في صورة إنسان مكتمل القوام، ويبدو أن ذلك كان من طبيعة العبادات والطقوس، ومن أصل شعائرها التعبدية الظاهرية.

ديانة قدماء المصريين

 المسارية الصغرى (مسارية إيزيس):

كانت طقوس هذه المسارية تأتي عادة بعد طقوس التحول التي ذكرناها، وفيها يكرس المريد حياته لخدمة الإلهة إيزيس، فتخصص له غرفة في المعبد ويحضر الطقوس التي نذكرها كل يوم، وفيها ستعلن ولادته الجديدة وموت الإنسان القديم فيه، أما الطقوس فهي:

  1. يقدم كبيرا لكهنة الكتاب المقدس المكتوب باللغة الهيروغليفية (بردية) ويبدأ بتلقينه التعاليم
  2. التعميد والصلاة
  3. يعلمه كبير الكهنة كلمات القوة ويحرم عليه تناول اللحم والخمر
  4. يقضي عشرة أيام في التأمل والتفكير والتدبر
  5. تلقي الهدايا من المريدين الأعلى مرتبة منه
  6. يلبس الكتان ويكون في قلب المعبد
  7. يشرفا على الموت في تحديات طقسية (وهي طقوس سرية لا تبوح بها النصوص) وواضح أنه يصعد إلى الأعالي.
  8. يولد من كل العناصر ويعود إلى الأرض مرة أخرى بعد أن يرى الشمس تتوهج في الليل ويرى الآلهة العليا والسفلى ويؤدي فروض العبادة أمامها.

المسارية الكبرى (مسارية أوزوريس) ديانة قدماء المصريين

كانت هذه المسارية تستدعي أن يساهم المريد في إحياء تمثال أوزوريس الذي يعتبر بمثابة جثة أوزوريس الميتة وإعادته إلى الحياة، من خلال تمثيل درامي يمكن تتبع خطواته كما يلي:

  1. نحيب عائلة أوزوريس حول تمثال أوزوريس المحاط بالأكفان الجنائزية، حيث يظهر من يمثل (إيزيس، وحورس، ونفيتس.. إلخ).
  2. تمثيل أربعة وعشرين مشهداً، كل مشهد بواقع ساعة من ساعات اليوم، وتبدأ المشاهد في أول ساعات الليل أي الساعة السادسة “في توقيتنا” وتنتهي في آخر ساعة من اليوم الثاني. وتكون هذه عبارة عن طقوس لإحياء أوزيريس وهي (نحيب إيزيس، دخولها إلى “أوابت” أو المكان الطاهر حيث يتمدد جثمان أوزيريس، ترمى الجثة بماء النيل المقدس، يعبر أوزيريس السماء، يعاد بناء جسد أوزيريس، يدهن الجسد، إعادة ميلاد الجسد من خلال الشكل الحيواني الذي يكون عبارة عن كفن جلدي من بقرة، انتعاش الجسد في منتصف النهار، اقتراب الفرعون حاملاً العطايا، تضاء المصابيح لطرد الأرواح الشريرة، يبعث أوزيريس).
  3. تكون تلك الطقوس بمثابة ولادة المريد أيضاً والتحامه بشخص الإله أوزيريس، وهذا هو أقصى ما تبقيه طقوس الأسرار “المسارية”، وللأسف الشديد فقد اعتبر البعض أن هذه هي مسرحيات تمثل متن المسرح الفرعوني أو المصري القديم، وهذا خطأ كبير، فهي مشاهد درامية روحية عنيفة أبعد مما نتصور في الحياة السرية الطقسية المسارية ولا علاقة لها بالمسرح وبمفهومه الذي نعرفه.

ديانة قدماء المصريين :

ويلخص م. موريت الفكرة الجوهرية لهذه الطقوس الكبرى بما يلي: “كانت الأسرار المصرية عبارة عن طقوس مرتبطة بكلمات وعبارات وإشارات لا يمكن وصفها بكلمات تعبر عنها، وكانت بعض الطقوس عبارة عن تصوير رمزي عن موت وبعث اوزيريس، كانت الروح التي نحكم الأسرار المصرية هي السحر الحفي، فقد كان يتم الاحتفال بتلك الأسرار وممارستها وفقاً لكتاب الطقوس السري لمقيمي المراسم.

وكان مكان الاحتفال هو قلب المعبد في مكان لا يصل إليه أحد، كان الكهنة يقومون بتمثيل أدوار أفراد عائلة أوزيريس ويساعدهم كهنة آخرون يقومون بدور الكورال أو البطانة، وكهنة آخرون يتلون المتون وينفذون الطقوس السحرية مثل سكب الماء وإشعال البخور.

كانت المسارية المصرية هي الأساس الراسخ الذي بنيت عليه المساريات عند الإغريق والرومان، وكانت الأعياد والمساريات الإليوزيسية والأورفية والديونسيوسية والفيثاغورية نسخاً مكررة من المسارية المصرية بمختلف أشكالها. كذلك انتشرت المسارية المصرية في آسيا عبر مساريات سيبيل ومثرا وغيرها.

الهرمسية (التحوتية المصرية):

الهرمسية طريقة بيئية بدأت منذ أقدم العصور وما زالت حتى يومنا فاعلة وقوية، تتدبر نفسها أصل الأديان والحكمة. وقد ذهبنا في بحوثنا السابقة إلى أن التأسيس الحقيقي لها بدأ في سومر وتحديداً مع الإله (ديموزي) ثم نشوء أسطورته مع إنانا، وارتبطت بالاله إنكي وديانته وبالملك السومري قبل الطوفان (أنميدرأنا).

ثم انتقلت هذه الطريقة إلى مصر وكان مؤسسها هناك الإله تحوت (إله القمر والحكمة والكتابة) والذي أسماه الإغريق (هرمس) أو قابلوه مع إلههم هرمس لكن العمق الروحي لتحوت كان مذهلاً، ومن أجل ذلك نهب تراثه وألصق بالإله (هرمس) قسراً وشاع اسم الهرمسية المعتاشة على تراث تحوت المصري فيما اندثر تدريجياً اسم تحوت وخصوصا مع نهب التراث الروحي المصري من قبل الإغريق قبل وبعد غزو الإسكندر الأكبر المقدوني.

وحين ظهرت عتبات تأسيس الهلنستية والعصر الهلنستي وكانت مدرسة الإسكندرية المسرح الأساسي لهذا التأسيس، وكان تحوت وتراثه الروحي قد انتحل بالكامل وظهر تحت مسمى (الهرمسية).

لم يقدر للديموزية السومرية أو التموزية البابلية أن تنمو في أرضها كما نمت في أرض مصر بصيغة التحوتية التي هي أصل الهرمسية وجذرها الصلب.

ليس هذا فحسب، بل إن الهرمسية عندما تخطت العصر الهلنستي ودخلت إلى روما ثم إلى الديانة المسيحية كانت لها تنويعات جديدة، وظهر دورها المهم جداً في عصر النهضة والثيوصوفيا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ثم انبثقت من جديد في جمعيات أسرار ومعتقدات جديدة في القرن العشرين، وهكذا ما زالت الهرمسية منطقة إغواء شديد لرحابة الفكر والعقل.

سنحاول البقاء في منطقة الأصول الهرمسية في مصر مع تحوت وديانته التي كانت المصدر الأساسي للهرمسية لاحقاً.

ديانة قدماء المصريين – الغنوصية (العرفان المصري: أصوله ونتائجه)

يصعب الحديث بثقة عن وجود الغنوصية في تراث مصر القديمة لقلة الدلائل والمقاربات في هذا المجال، ولكننا يمكن أن نستدل عقلياً على بعض الأمور التي نعرفها عن الغنوصية ونشوئها وعلاقة ذلك بالدين المصري بشكل خاص.

نشأت الغنوصية في دائرة مجاورة للهرمسية ولكنها تختلف عنها، فالغنوصية، كما نرى نحن، شمسية الطابع، وهي بذلك تختلف عن الطابع القمري للهرمسية، ولذلك فهي ترتبط بـ (رع) و(ست) أكثر من ارتباطها بـ (تحوت) وأوزوريس.

أما على مستوى التراث الكتابي، فالغنوصية ترتبط بـ (شيث) بينما ترتبط الهرمسية بـ (أخنوخ) أو (إدريس).

الغنوصية تعلق بمعالجة موضوع أصل الشر والشيطان والملاك الخاطئ، بينما الهرمسية تتعلق بدورة صعود وهبوط الروح وخلق الكون المادي وعلاقته بالفيوضات العقلية من العقل الأعلى.

ارتبطت الغنوصية بالدين والفلسفة بينما ارتبطت الهرمسية بالسحر والخيمياء والتنجيم.

كل هذا المدخل يذهب بنا إلى أن الغنوصية المصرية ربما تكون ارتبطت بإله الشمس (رع) و(جورس) وبالإله (ست).

ولعل أقرب ما يمكن الحديث عنه في هذا المجال هو (أبراكساس) الذي يعتقد أن جذوره تكمن في اسم إله مصري قديم كان يرمز للشيطان ثم استعمل الاسم الإغريق ككلمة تكون حروفها الذي هو عدد أيام السنة، وربما عدد السماوات وكان يستخدم كتعويذة إغريقية أو تعويذة (أبراكادابرا) الخاصة بالسحر، وهناك من يرى أن الاسم وجد في نصوص غنوصية مثل إنجيل المصريين.

ويبدو أن السبب المهم في العودة بهذا الرمز (المعروف إغريقياً) إلى مصر هو العثور على الشاهدة المصرية “شاهدة مترنيخ” التي تبين في أعلاها رسماً لكائن ذي ساقين أفعوانيين ووجه وحشي وهو شخصية ذات خصائص مماثلة لما هو معروف عن كائن أبراكساس الموجود في تعويذة الحظ الإغريقية.

ديانة قدماء المصريين :

وكان هناك من يرى في أصلها المصري دلالتها على أنها مكونة من كلمتين هما “أبراك” و”ساكس” وتعني (الكلمة المقدسة الشريفة) ويرى صموئيل شارب أنها تعني في المصرية الدعوة إلى الألوهية ومعناها “لا تؤذيني” أو “لا يمكن أن تؤذيني”.

كانت الهرمسية المصرية هي الأقوى والأعظم ربما لأنها كانت تمثل الجانب الباطني قياساً إلى الغنوصية التي ارتبطت بالديانة الظاهرية الشمسية للمصرين، وهذا مهم جداً، فالمسارية والهرمسية ارتبطتا بقوة بسبب تحوت والسحر وإيزيس.

الغنوصية ظهرت بوضوح أكبر في مصر الهلنستية وتحديداً مع مدرسة الإسكندرية وكان أثرها واضحاً في الأفلاطونية الحديثة وفلسفة أفلوطين في مصر، ثم ظهر فلاسفة الغنوصية الإغريق في همر وأولهم باسليدس ثم فالانتينوس (100 – 160م) المولود في الدلتا شمال مصر من أسرة مصرية هلنستية ثم سافر إلى الإسكندرية وأصبحت فلسفته العمود الفقري للغنوصية بثوبها المسيحي.

ما نريد أن نخلص له هنا اًن مصر كانت الحاضنة الأكبر والأهم للمسارية أولاً ثم للهرمسية، أما الغنوصية فكان العراق القديم (وادي الرافدين) حاضنتها الكبرى، وفي المرحلة الهلنستية انتعشت التيارات الباطنية (الأسرار) الثلاثة (المسارية والهرسمية والغنوصية) لتكون الحلقة المفقودة بين الأديان المتعددة الآلهة والأديان التوحيدية الثلاث (اليهودية والمسيحية والإسلام) وهو ما كرسنا له كتابنا (كشف الحلقة المفقودة بين أديان التعدد والتوحيد. 

العقائد الجنائزية – ديانة قدماء المصريين

اسرار الكتب والنصوص الجنائزية عند الفراعنة, حقائق عقائد ما بعد الموت عند المصريين القدماء بالعصر الفرعوني وما هي عقائد الخلود والعود الأبدي بثقافة الحضارة الفرعونية.

الاسكاتولوجيا العقائد الجنائزية في مصر القديمة (عقائد ما بعد الموت):

مثلما شكلت عقائد ومثولوجيات الأصول وخلق العالم والكون (الكوسموغونيا) والآلهة (الثيوغونيا) والإنسان (الانثربوغونيا) أساس (لاهوت الخليقة)، كذلك شغلت عقائد ومثولوجيات النهاية وموت العالم (الكوسمواسكاتولوجيا ) والآلهة (ثيوسكاتولوجيا ) والإنسان (انثروبوسكاتولوجيا ) أساس (لاهوت الموت والنهاية).

ونشأت من البداية والنهاية (الخليقة والموت) عقائد العود الأبدي ودورات الحياة والموت الكونية والإلهية والبشرية، وتحمل جميع الأديان نظامها الإسكاتولوجي الدقيق ضمن أساطيرها ومعتقداتها بصفة واضحة أو ضمنية.

والإسكاتولوجيا المصرية عبرت عن نفسها في عقائد نهاية العالم والآلهة كما لمحنا ذلك في الأساطير، ولكن تأكيدها الواضح كان في عقائد موت الإنسان التي يسميها الباحثون إجمالاً العقائد الجنائزية.

وصف قدماء المصريين الموت في نقوشهم بأنه كالنقاهة بعد المرض، وشبهوا الميت برجل ذهب ليقتنص الطيور فوجد نفسه وكأنه في بلد مجهول.

فالموت لم يكن في نظرهم سوى خطوة تليها خطوات الحياة الأخرى أو ضرب من النوم تستطيع الروح أن تعود خلاله إلى القبر فتتقمص الجسد من جديد وتستأنف معه في (عالم الغرب) حياة طبيعية لا تختلف في شيء عن الحياة الأرضية.

الكتب والنصوص الجنائزية – ديانة قدماء المصريين

جاءت معلوماتنا عن عالم الآخرة من النصوص والكتب الجنائزية التي يمكن أن نحصيها كما يلي:

العقائد الجنائزية في مصر القديمة – نصوص الأهرام:

نصوص التوابيت أو النوايس:

 كتاب الموتى:

كتاب البوابات:

وهو كتاب البوابات جمع من جدران مقابر ملوك الدولة الحديثة وينقسم إلى (12) قسماً بقدر ساعات الليل، ويصف رحلة قارب الشمس التي ارتبط بها الملك بعد غروب الشمس في الليل عبر العالم الأسفل المكون من (12) بوابة. ويتطابق الملك هنا بأوزريس أيضاً.

كتاب الدار السفلى (ما في العالم الآخر):

وهو كتاب مكون من (12) قسماً وهو رواية أخرى لكتاب البوابات ومقاتلة (رع) لثعبان الظلام ابوفيس.

كتاب الكهوف:

وهو كتاب الكهوف مكون من (6) أقسام، يحتوي مع كتاب البوابات على صورة لمحكمة أوزريس التي يصلها إله الشمس في منتصف الليل وغير ذلك، ويحتوي على كيفية شروق الشمس ودفع الجعران لقرص الشمس كما يدفع كرة الروث التي يضع فيها البيضة.

كتاب الليل والنهار:

وهو  مجموع من مقابر وتوابيت الدولة الحديثة ويتعلق بميلاد الشمس من الإله تحوت.

كتاب أكر :

وهو كتاب إله الأرض جب.

كتاب البقرة المقدسة.

كتاب البقرة السماوية الطريقين الذي يشرح ذهاب الميت بعد المحاكمة إلى طريقي الماء والأرض. وهذه الكتب تمثل صفحة واحدة من الروح المصري القديم المتعلق بعالم الآخرة.

أما الكتب الأخرى التي تمثل الأدب والشعر والطقوس، فعديدة ولا مجال في هذا المكان للتوسع في الحديث عنها.

عقائد الخلود والعود الأبدي:

تظهر لنا في التراث الروحي المصري ثلاث عقائد جنائزية أو اسكاتولوجية منفصلة تعالج حياة ما بعد الموت المصرية وهي (النجمية والشمسية والأوزيرية). العقيدة النجمية أقدم هذه العقائد، وهي خاصة بالملوك، وقد ظهرت في العصر العتيق وبداية العصر القديم حيث يتحول الملك الميت إلى نجم من النجوم القطبية التي كانت تعتبر رمزاً للديمومة لأنها لا تغيب أيداً.

وربما كان تفسير وجود العدد الكبير من نجوم السماء بأنهم ملوك أو أفراد متميزون خضعوا لللاهوت النجمي بعد الموت ورحلوا إلى السماء. أما العقيدة الشمسية التي ظهرمت ٠ع الأسرة المخامسة وخصت الملك أولأ حيث ينتقل المتوفى إلى (التطهير الصحراوي) عند حافة الصحراء ثم (التطهير الشمسي) داخل الجرة ثم الالتحاق بالمركب السماوي للشمس حيث يرافق المتوفى الإله (رع) في دورته السماوية.

أما العقيدة الأوزيرية فهي الأقرب إلى عامة الناس رغم أنها أصبحت تطبق على الملوك فيما بعد، ومكان العالم الآخر فيها هو العالم الأسفل وليس السماء. وتسبق حياة ما بعد الموت النهائية مرحلة للحساب تتم فيها محاكمة الميت، يكون فيها أوزيريس قاضى قضاة محكمة الموتى، والميت هو أوزيريس الميت قبل بدء المحاكمة.

وتبدأ المحاكمة بوزن قلب الميت حيث يوضع في الكفة اليسرى من ميزان العدالة وريشة ماعت في الكفة اليمنى، ويقوم أنوييس الذي له راس ابن آوى بعملية الوزن ويسجل تحوت النتيجة.

 هيكات:

إلهة الإخصاب ويرمز لها بالضفدعة، وتظهر بشكل نادر على مقدمة قضيب، هي بشكل عام تعتبر زوجة للإله خنوم، ارتبطت بخصوبة النيل كونه مأوى للضفادع وكان بيضها الذي يملأ ضفافه دالة على قوة إخصابها.

الإله (بس):

وهو إله المتعة والطرب والفرح وكان من رموزه القضيب أيضاً، ووجهه يكاد يشبه الأسد وهو حامي الثعابين والأشباح، وحامي النساء والأطفال عند الولادة.

باستت:

الإلهة القطة والتي كانت معابدها أماكن للمتعة بكل أشكالها ومنها الجنسية.

سفر التكوين الثاني (الإله الخالق)

لقد أعطانا نشأة الكون في الأوكتاد فكرة عن الخلق الساكن القديم الذي كان محاطًا بعناصر الماء والظلام في زمان ومكان بداية الخلق.

وبينما تواصل مدرسة الأشمونين أسطورتها وتظهر إله الشمس على أنه الإله الخالق لآلهة الأوكتاد الثمانية، ترى مدرسة أيونو أن إله الشمس ظهر أيضًا من المياه البدائية (نون) في صورة ذرية.

لكن مدرسة منف رأت أنه عندما استقر على عرشه لأول مرة كان الإله (بتاح) هو روح كيان الماء العظيم بكل ما فيه من ذكر وأنثى، وأنه هو التل الأبدي نفسه، ولم يكن شمسًا. إله، بل إله الكلمة الذي يمتلك القدرة على الخلق من خلال الفكرة والكلمة (القلب واللغة).

رأت مدرسة طيبة أن الإله الخالق هو الإله (آمون) الذي كون مع زوجته الزوج الإلهي الرابع في نشأة الكون الأوكتادي، الذي عمل على إثارة الخليقة، وأنه يمثل (الخفي) الذي ليس له الشكل، لا أب ولا أم، وإله الهواء الذي منه ظهر كل الوجود.

والمدرسة السادسة هي مدرسة آبو التي رأى فيها الإله الخالق ذو الطبيعة الطينية المائية خنوم الخزاف.

وهكذا نرى أن الإله الخالق في الأساطير المصرية هو إله شمس (شبشي، رع، آتون) أو إله كامل مثل اللوغوس أو خفي مثل بتاح أو آمون، أو إله مائي مثل خنوم أو إلهة أنثى مخلوقة مثل نيث.

آلهة الطموح القديمة – الإله شبشي (إله خيمينو):

في سفر التكوين الأول سمعنا عن آلهة هليوبوليس الثمانية الذين عانقوا الصمت، مادة العالم القديم قبل خلقه، والتي تمثلت في الأشمونين، والذي يشير إسمهم إلى الآلهة الثمانية، التي إسمها هرموبوليس في اليونان، والذين قدموا قديما الاسم المصري هو خيمينو عاصمة الإقليم الخامس عشر بصعيد مصر، والمعروف باسم الأرنب الذي يرمز إليه.

قبل خلقه، كانت مادة الكون مكونة من مياه موحلة غير مملحة يلتصق بها الطمي، واشتقت صورة الثعابين والضفادع من الصورة البرمائية عندما تغرق الأرض في الفيضانات ثم يسودها هدوء الماء، الطمي ورؤوس الحيوانات الساكنة التي تنفصل عنه.

وفي أحد الأيام، تحركت هذه الآلهة، وأسفرت هذه الحركة عن عدة أمور حسب روايات مختلفة للأسطورة.

وتحكي لنا القصة الرابعة أن آلهة الأوكتاد الثمانية تحولوا إلى ثيران وأبقار سوداء، ثم اتحدت الثيران في ثور أسود وأطلقوا على الثور اسم آمون والبقرة أمونت، واندفعت الثيران فوق الأبقار وألقت حيواناتها المنوية على الأبقار. الماء الذي أزهرت زهرة اللوتس (على شكل رأس خروف) وبعد أن أصبح المني على شكل طفل. وضع إصبعه على فمه ووضع تاج على رأسه يصلي ويمثل الشمس وهو طفل.

وهكذا تنتهي المرحلة الثانية من التكوين بظهور طفل الشمس إله الشمس المسمى شبشي الموجود في خيمينو الابن الرائع لآلهة الأوكتاد.

الإله بتاح (إله ممفيس:

وكان الإله بتاح هو روح كيان الماء العظيم بكل آلهته من ذكور وإناث نشأة الكون على هيئة ضفادع وثعابين.

سفر التكوين الثالث (الكون والآلهة والبشر)

بعد ظهور الله الخالق، وبعد جلوسه على عرشه، كان عليه أن يبدأ عملية الخلق، والتي شملت خلق الكون (نشأة الكون)، وخلق الآلهة (ثيوجوني)، وخلق الإنسان (أنثروبوجوني). وكلها خلقت في وقت واحد في الأساطير المصرية وفقا للاعتقاد المصري بأن مادة خلق الكون والآلهة والبشر واحدة وأنه لا يوجد فرق بينهم.

وهذا المبدأ هو تجسيد لقوة نفس الماعت الموجودة.

لقد اختلف الخلق المصري بحسب الإله الخالق الذي كان يتبع مدرسة لاهوتية معينة، وسوف نمضي في نفس التقسيم الذي مررنا به في التركيبة الثانية، موضحين ما خلقه كل إله، إله وإنسان.

الآلهة المصرية القديمة – خلق الشبشي في خيمينو (جنة هيرموبوليس)

لم تقدم لنا الأساطير الكثير من التفاصيل المهمة عن خلق الإله (الشبشي)، إلا أن ظهوره كإله الشمس وإله الأفق تحقق في تصميم خاص، وكان هذا الإله (الابن الرائع للأوكتاد) على شكل “زهرة اللوتس على شكل رأس كبش” وأخذت شكل طفل يضع إصبعه على فمه ويضع التاج على رأسه.

مصادر ديانة قدماء المصريين: كتاب الحضارة المصرية خزعل الماجدي

نبذة عن الكاتب

client-photo-1
Tamer Ahmed
Eng. Tamer Ahmed | Researcher in Ancient Egypt History and Egyptology. Faculty of Science, Mansoura University, 2004 Tourism and E-marketing Expert I love Egypt and I strive to develop tourism. Booking Your Tours Online Whatsapp: +201112596434