الأدب المصري القديم | الفلسفة في مصر القديمة | قائمة حكماء وادباء الحضارة الفرعونية وما هي الحقائق التاريخية واهم نصوص البرديات لقصائد المدح والغزل والشعر الغنائي بالعصر الفرعوني والمزيد من الاسرار الادب الحواري.
حقائق الشعر والقصائد وأناشيد ومدائح الفراعنة وتاريخ الأدب الحواري بالعصر الفرعوني والمزيد من اسرار الحضارة الفرعونية.
الأدب الحواري بالعصر الفرعوني والشعر الغنائي الوجداني في حضارة مصر القديمة, اكتشف حقائق وتاريخ الأدب المصري القديم عند الفراعنة ونصوص أغنية العازف على القيثارة و قصائد المدائح والغزل المصري تم اكتشافها عن ثقافة الحضارة الفرعونية.
الأدب المصري القديم
الشعر الغنائي الوجداني:
وهو عكس الشعر الديني والجنائزي، فهو يعمل على الغوص في المشاعر العميقة للإنسان ومنها المشاعر العاطفية المجردة، وكان هذا الشعر مادة للغناء والإنشاد، ومن أشهر هذه الأغاني (أغنية العازف على القيثارة) وهناك (أغاني العمال) و(أغاني الحصاد) و(أغاني النصر) و(أغاني الملوك) المستخدمة في الموسيقي في مصر القديمة وغيرها.
أغنية العازف على القيثارة (أغاني الضارب على العود):
حفظت هذه الأغنية في بردية هاريس 500 الموجودة الآن في المتحف البريطاني، وهناك نص آخر وجد في مقبرة مايا في سقارة، وترجع إلى أيام تل العمارنة فهي الآن في متحف الآثار الوطني – ليدن بهولندا وهذا النص يختلف قليلاً عن النص الأول، والبردية تعود للفترة (1350 – 1320) ق.م رغم أنها قد تعود في نصها لزمن أسبق ربما يصل إلى الأسرة الحادية عشر بعصر المملكة الوسطى في مصر القديمة.
كانت الأغنية تعزف على (الجنك) في حفلات الأمراء وهي ليست أغنية فرحة بل هي تذكر بالموت وتحث على الاستمتاع بالحياة القصيرة بطريقة فنية رائعة:
“لا أحد يعود من هناك (من عند الموتى) حتى يقص علينا ماذا في الآخرة؟ وحتى يحدثنا عما هم في حاجة إليه لتطمئن قلوبنا، حتى تلك اللحظة التي نرحل فيها نحن أيضاً، إلى حيث ذهبوا”
ألا فلتبتهج، إرم بكل الأحزان وراء ظهرك، افرح وفكر في السرور، ولتشبع رغباتك طالما أنت حي، إدهن رأسك والبس الكتان الجميل، ونفطر بالروائح الزكية، دع الغناء والموسيقى أمام ناظريك، أكثر مما لديك من ملذات، اعمل ما أنت في حاجة إليه على الأرض، ولا تضجر قلبك إلى أن يدركك وقت الندب.
“إن القلب الساكن (أوزير) لا يسمع عويلاً، والبكاء لا يوقظ أحداً من عالم الموت، لذلك فلتبتهج لليوم السعيد، ابتهج دائماً، ولا تشعر بكلل من ابتهاجك، استمع إلي: لا يستطيع أحد أن يأخذ أمواله معه، ولا أحد من الراحلين يعود ثانية.
ترافقت هذه الأغنية مع بدء الانهيار البطيء للإيمان بالمعتقدات الدينية وديانة قدماء المصريين وعكست حاجة الناس إلى مزيد من الرفاه والحب في الحياة الدنيا، وهو الجو الذي ساد بعد الثورة الاجتماعية الأولى.
أقوال السعادة الكبرى (القصة السباعية المقاطع) الأدب المصري القديم
هذه قصيدة وجدانية من بردية تشيستر بيتي الطبية الأولى، وتتكون من سبعة مقاطع محفوظة في المتحف البريطاني في لندن، وهي واحدة من ثلاث قصائد الحب في مصر القديمة وهذه القصيدة نظمت للترفيه عن الملك تعود إلى عصر الملك رمسيس الثاني اشهر ملوك الفراعنة من الاسرة المصرية التاسعة عشر خلال عصر المملكة الحديثة في مصر القديمة وهي أغاني على شكل حوار بين عاشق وعشيقته (الأخ وأخته في اللغة المصرية القديمة) ويبدأ أول كل بيت بنقطة باللون الأحمر.
القصيدة حوار بين عاشق وحبيبته حيث المقاطع تتوالى بدءاً منه بالتراتب حتى يصل المقطع السابع له أيضاً فهو حوار سبعة أيام، والحوار له علاقة محورية بإلهة الحب حتحور (الإلهة الذهبية) الرديفة للشمس واحد اشهر الالهة المصرية القديمة، وهناك تورية لفظية واضحة في بداية كل مقطع بين رقم المقطع (اليوم) والكلمة التي تشير إلى معنى آخر، فمثلاً (سي) معناها (أخ، حبيب) ويعني (اثنين) حيث المقطع الثاني وهكذا…
الأدب الحواري بالعصر الفرعوني: الأدب المصري القديم
وهذه ترجمة للمقطع السادس على لسان المرأة (الأخت):
“بينما كنت مارة بمسكنه،
ألفيت الباب مفتوحاً
كان أخي بجوار أمه
ومعه جميع أخواته
والتحبب إليه يستحوذ على قلب
جميع من يعبرون الطريق
إنه إنسان فتي وجميل، فلا مثيل له،
إنه أخ، فريدة صفاته،
لقد رنا إلي، بينما كنت مارة،
وشعرت بالسعادة،
فكم يتفجر قلبي فرحاً
عند رؤيتك، يا أخي!
لو أنها كانت تفهم (ها) الآن!
أيتها الإلهة الذهبية، أودعي ذلك في قلبه،
وعلى ذلك، سأستطيع أن أحضر مسرعة إلى أخي،
فأعانقه في حضور من يحيطون به،
ولن أشعر أبداً بالخجل أمام أحد،
وسأفرح لأنهم يعلمون
أنك تعرفني!
وعلى ذلك سأقيم حفلة لإلهتي –
وآه! إن قلبي يقفز حتى أخال أنه يخرج (من صدري)
-لتسمحي لي بأن أرى أخي منذ هذه الليلة،
أيتها السعادة التي تزول».
وهذه قصيدة مكونة من ثلاثة مقاطع ترجو فيه الحبيبة من حبيبها أن يأتي إليها مسرعاً بثلاثة أشكال: مثل مبعوث الملك، مثل فرس الملك.
الأدب المصري القديم – مثل الغزال الذي يقفز في الصحراء:
“أه، ليتك تأتي مسرعاً نحو أختك!
مثل الغزال الذي يقفز في الصحراء
(وفجأة) تترنح أقدامه، وتصبح أطرافه متثاقلة،
ويتولى الرعب جسده
في حين يطارده صياد وكلابه
إن الغبار الذي يثيره – يحجبه،
ويبصر ملجأ…
الترعة هي الآن طريقه،
إنك تصل إلى مسكنها،
وتقبل يدها، أربع مرات،
وبينما لا تزال تسعى إلى حب أختك،
كانت الإلهة الذهبية قد جعلتها من نصيبك، أيا صديقي.
الكلمات الرقيقة التي ألقها كاتب الجبانة (نخت سوبك):
قصيدة غنائية
هذه قصيدة مكونة من مقاطع صغيرة، كل واحد بمثابة قصيدة قصيرة تدل على تركيز شديد وكثافة شعرية واضحة.
– لم تحاور قلبك؟
توجه إليها وعانقها،
-حقاً وكما أن «آمون» يحيا، فأنا قادم إليك،
وردائي على ساعدي.
-لقد ألفيت أخي بجوار حوض الماء
وقدماه فوق الماء
لقد شاد هيكلاً لمباهج النهار
بل إنه وضع فيه الجعة،
إن صورته على صدري.
قصائد المدائح الأدب المصري القديم:
وهي القصائد التي تكتب لمدح الفراعنة والملوك والأمراء وملكات مصر الفرعونية بسبب بطولاتهم وأفعالهم الكبيرة المميزة، ومن أهم هذه المدائح، قصيدة كتبت بستة مقاطع الملك سنوسرت الثالث والمعروف بالملك المحارب العظيم من الأسرة الثانية عشر، وهذا هو المقطع الثاني منها:
الأدب في مصر القديمة – الأمدوحة الأولى:
المقطوعة الأولى:
“لك الحمد يا (خع – كاو – رع)، يا حور، أيها الصقر المقدس
يا حامي الوطن، وماد حدوده، يا قاهر البلاد الأجنبية بقوة تاجه
يا من ضم الأرضين (مصر) بين يديه، ممسكاً البلاد الأجنبية بقوة ذراعيه
مجندلاً أصحاب. السهم، دون ضربة عصا
يا من يفوق سهمه دون أن يشد وتر القوس
مخضع أصحاب القوس في ديارهم
يا من سحق رعبه أقوام الأقواس التسع
يا من أمات خنجره ألوفاً من الرماة قبل أن تطأ أقدامهم حدوده
يا من يفوق سهمه مثل “ سخمت”
يا من قهر الآلاف ممن لا يعرفون بطشه
إن كلمة من جلالته لتخضع أهل النوبة
إن منطقه ليجعل البدو يولون الأدبار
هو الواحد الفرد، ذو القوة الفتية، الذائد عن حياضه
مذهب الوهن عن شعبه
جاعل الناس ينامون في أمان حتى طلوع الفجر
شباب جنوده ينامون لأن قلبه هو المدافع عنهم
أوامر جلالته كبحت جماح النوبة، وهزمت الآسيويين.
المقطوعة الثانية الأدب المصري القديم
ألا ما أشد اغتباط الآلهة لأنك ثبث قرابينهم
ألا ما أشد أفراح بلدك لأنك ثبت حدوده
ألا ما أشد اغتباط آبائك لأنك زدت في عطائهم
ألا ما أشد اغتباط مصر بقوتك لأنك حميت النظام القديم
ألا ما أشد اغتباط شعبك بحكومتك لأنك قضيت على السلب
ألا ما أشد اغتباط جنودك، لأنك اسعدتهم
ألا ما أشد اغتباط شيوخ قومك لأنك جددت شبابهم
ألا ما أشد اغتباط (مصر) بقوتك لأنك حميت أسوارها.
الأمدوحة الثانية:
هي خاصة بمدح الملك تحتمس الثالث الذي يوصف بأنه أحد أعظم المحاربين في التاريخ وهي مكونة من ثلاثة مقاطع وقد جاءت على لسان الإله (آمون رع).
“لقد رزقتك القوة والنصر على أمم الأرض جميعاً، وبسطت سلطانك ورهبتك في كل بلد، وجعلت الرعب منك يمتد حتى عمد السماء الأربعة، ووضعت احترامك في كل جسد، نداؤك الحربي يمتد بين أقوام الأقواس التسعة، وجمعت أمراء الأرضين جميعاً في قبضة يمينك.
ومددت يديك فقيدتهم جميعاً، صعدت لك الألوف وعشرات الألوف من عصاة الجنوب (أهل القوس)، ثم مئات الألوف من أهل الشمال، وطرحت أعداءك تحت قدميك، لتهلك منهم العصاة والثائرين، حتى دان لك أهل المشرق والمغرب في طول البلاد وعرضها، تستطيع أن تضرب فيها مغتبط القلب حيث تشاء، دون أن تجد في ربوعها من يعصيك.
قصائد الغزل بالحضارة الفرعونية الأدب المصري القديم
كان الغزل المصري فطرياً نابعاً من مشاعر أصيلة وعفوية، ولذلك تجده مدهشاً على الدوام، وكان الغزل يرتبط بالغناء ولكنه كان يسمع دون موسيقى ولا غناء بشكل عام. وأفضل نموذج لشعر الغزل هو بردية هاريس 500 التي ذكرنا بعضاً من أشعارها أعلاه.
كانت قصائد الغزل تسمى باسم طويل هو بداية الأغاني الجميلة، فمثلا تسمى الأغنية الآتية (حبيبتك التي يحبها قلبك والتي تأتي إليك من المرج) وهذا اقتباس منها:
“حبيبي قلبي يتمنى حبك
وكل ما تفكر فيه هو لك
انظر ماذا فعلت
جئت اصطاد بشركٍ في يدي
تهبط طيور بونت محملة بالطيب في مصر
وأول طائر يهبط يأكل طعمي
وأظافره فيها عبير
لكم أود أن نطلقها معاً
وحيدة أنا بجوارك
حتى تسمع صيحات طائري المعطر
كم يحلو لي أن تكون معي وأنا أنصب الشرك
فما أطيب الذهاب للمرج مع المحبوب
سأسحب شباكي وأعود، ولكن ماذا أقول لأمي
وكل مساء أعود إليها محملة بالطيور
لسوف تقول لي: ماذا ألم تنصبي اليوم أي شراك؟
آه أدار حبك رأسي
أوز البر يطير ويهبط جميعاً
وها هي الطيور، ولكنها لا تهمتي
فلدي حبك، لي أنا وحدي
وقلبي يوائم قلبك تماماً ولن أبعد عن جمالك
يا حبيبي يتوقف قلبي في الكعك اللذيذ أمامي
ولكن مذاقه كالملح في فمي
الشراب الذي كان حلواً له الآن طعم مرارة الطير
عبير أنفاسك، هو ما يحيي قلبي
يا أجمل كل الناس كم أود أن أشاركك بيتك
زوجة لك، كي تضع على نراعي ذراعك
ولكنك أدرت عني حبك.
الأدب الحواري بالعصر الفرعوني وهذه مقطوعة أخرى:
“سبعة أيام، حتى أمس، لم أر فيها أختي (حبيبتي)
تملكني الداء، وثقلت أطرافي، وصرت أنسى نفسي
إذا عالجني مهرة الأطباء لا يرتاح قلبي إلى علاجهم
إذا عالجني مهرة السحرة فمرضي لا يستجيب لسحرهم
إن ما يحييني هو أن يقولوا لي: إنها هنا فاسمها هو منقذي
إن رسولها يأتي وينهب، لينعش قلبي
أختي أنفع لي من كل علاج، إنها أنفع لي من كل دواء
إن حضورها لي هو تعويذتي
لو نظرت لي اخضر جسمي، واشتد ساعدي
حديثها يقويني، وحضنها ينعشني
ولكنها مضت منذ سبعة أيام.
ولا بد من التنويه أن أدب المراثي وأدب الأضاحي كان نادراً في الأدب المصري القديم، أما أدب الهجاء فنادر هو الآخر رغم وجود أثر بسيط له فقد.”وصلنا مؤلف هجائي غريب يساعدنا على تكوين فكرة عن تنوع الأجناس الأدبية في الأزمنة المتأخرة. ويمكننا أن نفترض أن الهجاء كان موجوداً من قبل، ولكن من الصعب تأكيد الأمر. ونقدم فيما يلي للقارئ جانباً من هذا المؤلف، وقد وصلنا في حالة جيدة من الحفظ، وما كان لـ “هوراسيوس” أن يتنصل منه، إذا ما نسب إليه:
الأدب المصري القديم بالعصر الفرعوني:
“إنه كالأحمق الذي أمسك كتاباً سطر عليه العلم كله
فمنذ ولادته، وهو لا يجيد غناء سوى شيء واحد:
(أنا جوعان؛ أريد أن أشرب، ترى ألا يوجد ما يؤكل؟)
وما أن يقال له (يوجد لحم في المكان السيئ الفلاني) حتى يوجد فيه ومعه آلة الجنك
وعندما يجد أمامه شراباً أو لحوماً يذهب إليها دون أن يدعوه أحد
ويتحدث إلى أهل الاحتفال قائلاً: (لا أستطيع أن أغني وأنا جوعان
لا أستطيع أن أحمل الجنك لأغني طالما لم أحصل على ما يكفيني من شراب)
ويستهلك نصيب شخصين من الشراب، ونصيب ثلاثة من اللحوم ونصيب خمسة من الخبز
فيصبح الجنك حملة ثقيلة على قلبه، وأشبه بعبء مزعج
وتمادى حتى صاح الحضور… مرتين وثلاثاً، بدلاً من مرة واحدة: «غن»
وإذا به يتناول آلة الجنك، بعد أن شرب، حتى ظهرت كل عيوبه.
وأخذ يتلو ما تقوله النسوة وهن يصنعن الخبز، وقد انقلبت الجنك رأساً على عقب.
وحتى لما قلبها جهة الرقبة؛ لم يكف عن تلاوة سخافات النسوة
وإذا ارتقى بفنه أنشد حكاية رمزية
فلا تشهد الكلمات على فنه، فيذهب صوته في اتجاه، في حين يذهب الجنك في اتجاه آخر”.
الأدب في مصر القديمة بالعصر الفرعوني:
عرف الأدب المصري القديم هذا النوع من الأدب بشكل واسع وكان على أنواع كثيرة منها:
- حوار الإنسان مع إنسان آخر.
- حوار الإنسان مع روحه ويعد من أدب الحكمة.
- حوار أجزاء جسم الإنسان مع بعضها.
- حوار الحيوان مع حيوان آخر والطير مع طير آخر.
- حوار النباتات مع بعضها.
- حوار الآلهة فيما بينهما.
ولعل أشهر مقطوعة في هذا النوع من الأدب هي النص الذي جاء من بردية اليأس من الحياة، فهي فضلاً عن كونها من أهم النصوص في هذا الحقل فهي وثيقة من وثائق الثورة الاجتماعية الأولى في عصره، وتسمى أيضاً بـ (حوار الإنسان مع روحه) أو (حديث نسو مع روحه) وهي محفوظة في متحف برلين تحت رقم 3024. وتعود للأسرة 12 ويرجح أنها منقولة من زمن أبعد. وتتكون هذه المقطوعة الحوارية الأدبية من الأقسام الآتية:
المقدمة:
وهي طويلة نسبياً أقرب إلى مناجاة النفس أو المونولوج، يشكو فيها (نسو) من الحياة الشقية البائسة حتى يجد في الموت حلاً ويقبل على الانتحار بحرق نفسه، فهو يتساءل بروح فلسفية عميقة عن جدوى الحياة ويدعو إلى ممارسة إلحادية ببساطة “أين بناة الأهرام من زينوا الأبهاء، وشادوها بأحجار الجرانيت الصلبة.
وخصصوا لأنفسهم قاعة في الهرم، وقدمت لهم كل الخدمات المميزة، أصبحت موائد قرابينهم خالية، بعد أن صاروا آلهة (أي ماتوا)، وأصبحوا سواءً هم والمتعبون الذين قضوا على ضفاف القنوات، نال الفيض مقصده منهم، وكنا حرارة الشمس، أما الأسماك على ضفة النهر فتجلس معهم تعقد الأحاديث، استمع إلي… مر للمرء أن يستمع… تابع ملذات اليوم، وانس الهم.
الأدب المصري القديم بالعصر الفرعوني الحوارية الأولى:
يتحاور فيها (نسو) مع روحه (كا) وينكر فيها قلة تقدير الناس للفقير في هذا العالم. وتبدأ هذه الحوارية دائماً بعبارة واحدة هي (انظر: إن اسمي كريه أكثر من…) ويذكره مجموعة من التشبيهات الكريهة مثل اللحم النتن والسمك والطيور والصفصاف المزدحم بالأوز…إلخ
وتصنعت الروح الغضب مرة أخرى، وأجابته مرة ثانية باقتضاب وهي تؤنبه “ألست رجلاً؟ لقد ابتغيت الحياة من قبل، فماذا أنجزت، ثم تأخذ الآن تتأسى على الحياة شأن رب النعمة؟ فأجابها: “إذا أصاخت لي روحي، ولا خطيئة لي، وكان فؤادها محي، فلسوف تهنأ، ولأجعلها حينذاك تبلغ الغرب، شأن من أقام في هرمه، ووسده وريثه.
فإذا حلت بيني وبين الموت على هذا الوضع، فلن تجدي ما تحطين عليه في غالم الغرب، تجلدي إذن روحي، وقومي مني مقام الوريث، يقدم القربان، وينهض على مثواي يوم الدفن، ويهيئ مضجع الآخرة.
الحوارية الثانية:
يتحاور مع روحه حول يأسه من الحياة وتشاؤمه وكرهه لما فيها ويهدد روحه بحرق نفسه، فتعارضه روحه وتهدده بأنها ستهجره فيقوم (نسو) بإرضاء روحه وتخيره بين القبول بالحياة كما هي أو الذهاب إلى الموت المجهول. وتتكرر في هذه الحوارية عبارة (لمن أتحدث اليوم…) واصفاً أخلاق الناس الرديئة.
الحوارية الثالثة:
يحاور روحه في اختياره للموت كحل نهائي فهو كالشفاء بالنسبة لرجل مريض مثله… ومثل الخروج إلى الهواء الطلق بعد مسعى طويل، وتسيطر عبارة (الموت أمامي اليوم…) فيقول:
“الموت أمامي اليوم يبدو كالبرء للسقيم، والخروج إلى الفضاء بعد حجز…
الموت أمامي اليوم كعبير (المر) وجلسة تحت ظله في يوم ريح صرصر
الموت أمامي اليوم كرائحة اللوتس تخدرني كما لو كنت جالسا على شاطئ الانشراح
الموت أمامي اليوم كشوق الرجل إلى بيته بعد قضاء سنين طوال في الأسر والعناء.
الحوارية الرابعة:
يؤكد الرجل إيمانه بالحياة بعد الموت وبالثواب والعقاب وعدل الأرباب وهي أركان الديانة المصرية القديمة، ويرى أن من يصل إلى العالم الآخر فسيكون محظوظاً قادراً على رد الشر والتواصل مع الآلهة ومعرفة الأسرار.
ويبدو أن الرجل أنهى حياته وذهب إلى العالم الآخر متصالحاً مع روحه. وتذكرنا هذه الحوارية بالمقطوعة البابلية الشهيرة التي أسمها (لأمجدن رب الحكمة) التي تعارف الباحثون على تسميتها بـ (أيوب البابلي) وبطلها هو (ساجيل مو أبيب) وكذلك بسفر أيوب التوراتي المعروف. والمقطوعة مثقلة بأدب الحكمة والأسئلة الفلسفية.
الأدب المصري القديم
عند الفراعنة | حقائق الأدب الدنيوي والديني في حضارة مصر القديمة. اكتشف اسرار نصوص الأدب الأسطوري, السحري, الروحي, الطقوس والشعائر التي تم اكتشافها عن ثقافة الحضارة الفرعونية.
لا يمكننا من الناحيتين النظرية والعملية، ونحن ندرس الأدب الذي خلفته الأقوام القديمة، أن نفصل تماماً بين النصوص الدينية والنصوص الأدبية فهي متداخلة متشابكة، ولكننا سنفعل ذلك من أجل البحث والدرس فقط فالنصوص الدينية الطقسية نشأت وتطورت، غالباً.
في المعابد المصرية وقام بإشاعتها وترديدها، بين الناس، كهنة متخصصون. أما النصوص الأدبية فقد نشأت وتطورت في المعابد الجنائزية وخارجه وقام بإنشائها وإشاعتها حكماء وأدباء وشعراء ومفتون. ينقسم الأدب المصري القديم إلى الأجناس والأنواع الآتية:
الأدب المصري القديم:
الأدب الدنيوي
- الأدب الملحمي
القصص، سير الأبطال والملوك
- الأدب الحوارى
نصوص حوارية
- الأدب الغنائى
الشعر، المدائح، الغزل
- الأدب الأخلاقي
- الأمثال
- نصوص السخرية والفكاهة والحيوان
- الوصايا
- نصوص الحكمة
الأدب الديني
- الأدب الأسطوري
أساطير (التكوين، العمران، الخراب، الموت)
- الأدب الطقسي
نصوص الطقوس الدينية
- الأدب الروحي
الصلوات والتراتيل، الأدعية، الأناشيد
- الأدب السحرى
- التعاويذ والتمائم والرقى
- نصوص التنبؤات والفال
- نصوص الحلم وتفسره
- نصوص التنجيم
وبذلك ينقسم الأدب المصري القديم إلى: أدب ديني يشمل النصوص المرتبطة بغايات عملية طقسية أو تلك التي ترتبط بالآلهة (أساطير الفراعنة) أو الخوارق الدينية ويغلب عليها الطابع الموضوعي والميتافيزيقي والأسطوري والسحري.
وأدب دنيوي يشمل النصوص الأدبية التي لم تكتب لغايات دينية والتي يغلب عليها الطابع الذاتي أو الانفعالي، وهو ما يشكل في عصرنا الحالي ما نسميه بـ (الأدب) بمعناه الواسع والشامل. ورغم أننا لا نجد حدوداً قاطعة وفاصلة بين منطقتي هذين النوعين.
ورغم أننا وضعنا هنا استخداماً اصطلاحياً للدرس قد يخرج بهما عن وصفهما الدقيق في التراث المصري القديم، إلا أننا نجد ضرورة ما لوضع أجناسية معقولة لأدب وادي النيل الزاخر والمشتبك النصوص.
الأدب المصري القديم – الأدب الديني عند الفراعنة:
أجناس وأنوع ونصوص الأدب الديني المصري القديم:
- الجنس الرئيس
- الأدب الأسطوري
- الأدب الطقسي
- الأدب الروحى
- الأدب السحري
الجنس الثانوي في الحضارة الفرعونية:
- أساطير الخليقة
- أساطير العمران
- أساطير الخراب
- أساطير الموت
- نصوص الطقوس اليومية
- نصوص طقوس المناسبات
- نصوص الطقوس الدورية
- نصوص الطقوس السرية
- الصلوات
- التراتيل (الترانيم)
- الأناشيد
- الأدعية
- نصوص السحر في مصر القديمة
- نصوص العرافة
- نصوص الأحلام
- نصوص الفلك في مصر القديمة
النوع:
- الآلهة، الكون، الإنسان
- رع، أوزوريس
- رع، اوزوريس
- الكتب مثل كتاب الموتى والنصوص الجنائزية
- الصلاة، نصوص طقس المعبد، نصوص القرابين
- الولادة، الزواج
- نصوص الأعياد الفرعونية
- نصوص العبور مثل نصوص الأهرام
- صلوات الملوك والكهنة إلى الآلهة
- الترانيم الخاصة بكل إله
- الأدعية الموجهة الى الاله
الأمثلة:
- نصوص الأهرام
- نصوص التوابيت
- كتاب الموتى
- كتاب البوابات
- كتاب ما في العالم الآخر
- كتاب الكهوف (قذت)
- كتاب أمدوات الليل والنهار
- كتاب أكر
- كتاب البقرة السماوية المقدسة
- كتاب الطريقين
- كتب السماء (النهار، الليل، نوت) كتاب التنفس
- تحوت، النيل، حور- ور، سوبك، خنوم، نيت ، الرياح الأربعة
- أناشيد أمون، أناشيد أتون
- مختلفة
- التعاويذ، الرقى
- التنبؤات
- تفسير الأحلام
الأدب الديني يعتبر أساس الدين ونصوصه، لكننا نراه هنا من زاوية الأدب، ورغم أن الفصل الكامل بين الأدب الديني والأدب الدنيوي هو أمر صعب في معظم متون الحضارات القديمة، لكننا نؤكد أن الأدب الدنيوي يمثل حقيقة آداب تلك الشعوب؛ لابتعاده النسبي عن الآلهة وخوارقها والتعبير عن حاجات الناس المعروفة.
وفيما يلي هذه النصوص المختارة من أنواع الأدب الديني لنأخذ فكرة عن تكوينها الأسلوبي
والبلاغي الذي تشترك فيه مع الأدب الديني إلى حد ما.
الأدب المصري القديم – نماذج من الأدب الأسطوري:
نص الملك رمسيس الثاني
نماذج من الأدب الروحي:
نصوص الى الاله نيت
نشيد امون
نشيد اتون
نماذج من الأدب السحري:
البحث عن كتاب السحر الأعظم
تفسير الأحلام
الأدب الأخلاقي في مصر القديمة
حقائق وتاريخ القيم الأخلاقية والأخلاق في الحضارة الفرعونية ونصوص الحكماء الفراعنة والمزيد من الاسرار.
الأدب الأخلاقي في حضارة مصر القديمة ونصوص أمثالاً الحكماء الفراعنة, اكتشف تاريخ وحقائق نصوص الوصايا في جميع نصوص الحكماء المصريين القدماء والسخرية والفكاهة بثقافة الحضارة الفرعونية.
يعبر الأدب الأخلاقي عن منطقة التوازن الدقيق لشعب من الشعوب لحياة كريمة قائمة على العدل والخبرة والتجربة العميقة، وقد كان الشعب المصري كذلك في احترامه لقيم الحياة وعدالة السماء والآلهة “ولا نزاع في أن بداية التفكير الأخلاقي يرجع تاريخها إلى عهد المسرحية المنفية، غير أن المصريين الأقدمين لم يصلوا إلى الاستقلال النفسي الذي مكنهم لأول مرة من تصور المجتمع البشري في كليته.
حتى صار بذلك في أنظارهم مملكة يمكن تأملها بإنعام وتدبر، إلا بعد عصر تاريخ تلك المسرحية بنحو 1500 سنة ق.م. أي في العهد الإقطاعي وبخاصة بعد سنة 2000 ق.م. وقد كانت نتيجة مثل هذا التأمل عند بعض الناس أنهم وقعوا في حالة تشاؤم فظيع.
ألم تكن أخلاق المجتمع قد بلغت من الظلم درجة أصبحت معها الرغبة في “السمعة الحسنة” أقل مما تصوره مغني أنشودة الضارب على العود؟ وماذا يجني الإنسان من ذلك لو أن سمعته الحسنة ضاعت ظلماً من غير جرم جناه، أو لو أن فرص تمتعه بالملاذ قد قطعت بالمرض أو سوء الحظ؟ والحقيقة أن هذا الموقف بذاته هو الذي مثل أمامنا في ورقة محفوظة الآن بمتحف برلين.
ربما كانت أهم وثيقة وصلت إلينا من ذلك العهد السحيق. ويمكننا أن نسميها “محاورة بين إنسان يائس سئم الحياة وبين روحه»، لأن عنوانها القديم مفقود. وموضوع هذه المحاورة العام هو اليأس المستحكم الذي نتج من مثل الحالة السالفة الذكر، فأفضى الشعور به إلى أن الموت هو الخلاص الوحيد.
ينقسم الأدب الأخلاقي إلى أربعة حقول هي الأدب المصري القديم
الأمثال الفرعونية:
نصوص الحكماء من أمثال فتاح حتب (بتاح حتب
لم تكن هناك فرادة حقيقية لمصر في هذا المجال؛ فلم نعرف تدويتاً دقيقاً مخصصاً للأمثال التي جرت على أفواه الناس، بل يمكننا استقاء بعض هذه الأمثال من أقوال الحكماء الذين ظهروا في مصر. وهذه بعض الأقوال التي تصلح لأن تكون أمثالاً في نصوص الحكماء من أمثال فتاح حتب (بتاح حتب):
الأدب الأخلاقي – أمثلة مختارة “فم الإنسان ينجيه (من حكاية الملاح التائه).
- إن من يفقد الصدق مع نفسه لن يصدقه الآخرون.
- لا تفتح عينيك على أخطاء الأصدقاء حتى لا تفقدهم.
- العين التي لا ترى إلا عيوب الناس كالعين التي لا ترى إلا حسناتهم… لا تركن إليهما في الحكم على الناس.
- إذا ارتدى الشر قناع الخير.. لا يخفي القناع روح الشر الكامن من خلف القناع.
- تفنن في الحديث تسد، فلاح المرء اللسان وقد يكون الكلام اللبق أكثر فاعلية من أي عراك.
- لا تركن إلى مقتنيات شخص آخر، ولا تقل إن لي داراً في يد جدي لأمي.
- كلما طال تمثال الحاكم وهو حي كلما دل ذلك على اقراب نهايته.
- الخطيئة نقمة فهي تخلق الفوضى التي تحطم النفس إذا أسيء استعمالها؛ ونعمة إذا حسن استعمالها فتعمل على إعادة التوازن النفساني وتعلم الإنسان الحكمة.
- الخوف شر القلب يمكن التغلب عليه بالسيطرة على النفس.
- السعادة كالطائر لا يعيش مع الخوف… عندما يحس بالخوف يطير من أول نافذة يجدها مفتوحة.
- لا تجعل الشمس تغرب وفي عينيك وقلبك دمعة حتى لا تحاسبك الآلهة في منامك على ما فعلت في صحوك.
- حاسب نفسك قبل أن تغمض عينيك فتشرق شمس الصباح على يوم كله أمل وسعادة.
- لا تقف مع القوي ضد الضعيف.. بل ليكن قدمك دائماً مع الضعيف ضد القوي.
- رجاحة التفكير تنبع من الصمت وكثرة الكلام تعطل التفكير.
- أخلص لعملك ولا تقم بعمل لا تحبه أو نتقنه أو ترتاح لأدائه.
- احفظ لسانك طاهراً ولا تلوثه بنطق الباطل ولا تجعل لسانك يسبق عقلك وتدبيرك.
- ورث ابنك ما ورثته من علم ليشق طريقه السليم في الحياة. فابن الأسد لا يعيش في الماء وابن الحوت لا يعيش في الأرض” (الدكتور سيد كريم، الحكم والأمثال في الأدب الفرعوني، موقع العمارة والفنون.
الأدب الأخلاقي – نصوص السخرية والفكاهة والحيوان:
لم تصلنا نصوص السخرية والفكاهة والحيوان، ولكن هذا لا يعني عدم وجود مثل هذا الأدب بدليل أننا عثرنا على رسوم ساخرة في عالم الحيوان كما يلي:
ثبت المصريون على إحدى قطع الأوستراكا القديمة رسماً ساخراً لصراع يدور بين القطط والفئران، حيث يدور ملك الفئران على عربة حربية تقوده كلبتان ويهجم على قلعة تحرسها القطط. وربما يكون هذا الرسم هو أول رسم كاريكاتوري ساخر يلمح إلى غضب الشعب من حاكميه، كان ذلك في حدود 1300 ق.م.
وهناك رسوم أخرى لثعلب يرعى قطعاناً من الماعز! ولذئب يقود الأوز! بالمقابل فإن نصوص السخرية والفكاهة والحيوان التي وصلتنا كانت قليلة جداً، ويعتقد أنها كانت شائعة جداً في ذلك الزمان في مصر.
ويبدو أن نزاع القط والفار كان شائعاً في الأدب الشعبي في مصر القديمة ولذلك تجد بعض العبارات عند تلك الرسوم وغيرها مثل (القطة تصبح عبدة عند السيدة فارة) و(يهاجم جيش الفئران فرقة القطط) …. إلخ.
الأدب الأخلاقي – نصائح إلى “مري كارع”:
ونحن نجد الحكمة والعقل الراجح أيضاً في تلك النصائح التي وجهها ملك اهناسيا إلى ابنه المدعو “مري كارع” من الأسرة المصرية التاسعة، كما تبرز في هذه النصائح فطنة ذلك السياسي الكهل في سياسة البلاد الداخلية بوجه خاص حينما يوصي باتباع سياسة المهادنة والتعاون في معاملة أسر الأشراف، ويوصي في الوقت نفسه بالبحث عن الكفايات المغمورة.
وتكوين جيل جديد يمكن استخدامه ضد رجال الإقطاع القدامى. كما أن التفكير العميق في القيم الباطنة يتجلى في تلك العبارة التي ساقها هذا الملك المسن لابنه، وعدها بعض العلماء من أنبل ما جاء به التفكير الخلقي في مصر القديمة.
وهي أن يستقر في ذهن هذا الابن: “أن فضيلة الرجل المستقيم أحب (عند الله) من ثور الرجل الظالم (أي قربان الرجل الظالم)”، فنحن هنا نجد اعترافاً صريحاً بقيمة الحياة الصالحة في نظر الإله، وهو الذي لا يقبل أن تقوم الهدايا عنده مقام الأخلاق.
حكماء مصر القديمة الأدب المصري القديم
| السيرة الذاتية للأهم ١٥ حكيم في عصر الحضارة الفرعونية. اكتشف تاريخ وحقائق عن اهم حكماء الفراعنة والنصوص والكتابات والبرديات الخاصة بهم التي تم اكتشافها.
كانت الحكمة تسمى في مصر على اسم إلهة العدالة والحكمة (ماعت) أو (مات) التي يمكن أن تعني (الاستقامة، الحق، الحقيقة، الانضباط، العدل، القانون الكوني الثابت، المنطق، الصلابة) وهي تعاكس الفوضى والفساد والشر التي تجمعها كلمة (أيسفت) وكان رمز ماعت هو الريشة.
أما التعليم والحكمة فكلمتهما هي (سيبابت) وهي مشتقة من جذر (سيبا) التي تعني أيضاً (باب، نجم) وهذا ما يشير إلى أنها تتضمن الرشاد والهداية، ونظن أنها مصدر كلمة (سوفيا) الإغريقية التي تعني الحكمة. فإذا كانت الفلسفة (فيلو سوفيا: حب الحكمة) إغريقية الشهرة فإن (الحكمة) مصرية الأصل.
فقد ظهر حكماء مصر في كل عصورها وكانوا عنواناً نادراً لتوازن المجتمع المصري القديم وحكمته، وكانوا هم ومدارس الأسرار الروحية والمعابد مصدر الفلسفة الإغريقية كما سنرى.
الحكمة ارتبطت بالدين، وكانت التبشيرات الدينية الجديدة أقرب إلى الحكمة منها إلى الجوهر الروحي والديني، وهذا ما كان يدعو له الملوك والحكماء، وهذا ما حصل مع تعاليم أخناتون التي كانت تشير إلى دعوته أكثر مما تشير إلى النمط الأدبي الأخلاقي فقط كما ألفناه حيث “لم يترك لنا أخناتون أي كتاب مقدس، ومن ثم فإن ما أسسه لا ينتمي إلى ديانات الكتاب.
وإن “كلمة الإله” بكل ما في هذه العبارة من معنى لا يوجد تخيل لها في الديانة الجديدة، حيث إن ذلك الإله الذي أعلن عنه مؤخراً ظل صامتاً. فآتون نفسه لم ينطق ببنت شفة، بل على العكس فإن أخناتون المبشر به هو الذي تكلم عنه. ومن ثم فإننا بجب أن نعتمد على الأدلة المستوحاة والمستخرجة من النصوص الخاصة بالملك وبكبار رجال دولته. وتذكر لنا النصوص في كثير من الأحيان “تعاليم أو تعليمات” أخناتون التي وضعها في قلوب رعاياه.
ولتأكيد ذلك، فإن الكلمة المصرية المستخدمة لهذا الغرض هي “سيبايت” التي تشير إلى أدب الحكمة المتداولة في الكتابات التي ترجع إلى عصور سابقة حوالي أواخر الدولة القديمة، ولكن في عصر العمارنة يبدو في الحقيقة وعلى وجه الحصر أن حالة التعاليم والتعليمات كان الملك هو فقط الذي يفصح عنها، ولا يوجد في أي مكان آخر أي أثر للرسالات الدينية.
قائمة حكماء مصر القديمة:
الحكيم كا ارسو:
عاش كا ارسو حوالي (2704 – 2680) ق.م في زمن الأسرة المصرية الثالثة معاصراً الملك حوني آخر ملوك هذه الأسرة، وله صفحتان من بردية ذكر فيها آداب الطعام وسلوك المباشرة والتواضع وعدم التفاخر بالقوة ومن حكمه: السكين تشحذ لمن يحيد عن الطريق المستقيم. وقد كتب تعاليمه هذه إلى ابنه (كاجمني) (قاقمنا) الذي أصبح حكيماً بعده.
الحيكم كاجمني (قاقمنا) – حكماء مصر القديمة:
وجدت حكمته في بردية بريسي، وقد عاش هذا الحكيم في زمن الأسرة الثالثة وبداية الأسرة المصرية الرابعة معاصراً الملك سنفرو، أما بردية بريس فقد جاءت مكتوبة اللغة الهيراطيقية من الأسرة الثانية عشر، ويعرف كاجمني أيضاً باسم (ميمي) ورغم أن المراجع المصرية تذكر أن كاجمني هو شخص آخر عاش في زمن الأسرة المصرية السادسة وكان وزيراً ونسيباً الملك تتي.
الحكيم إمحوتب:
وهو الطبيب والمهندس الذي بنى هرم زوسر المدرج بعصر الملك زوسر، ورغم شهرته الطبية والهندسية لكنه كان حكيماً أيضاً، وهو شاعر وفيلسوف، وقد ظهر إمحوتب في زمن الأسرة الثالثة وتحديداً في زمن زوسر، وقد ضربت شهرته الآفاق وألهمت الإغريق لاحقاً وطابقوه مع الإله إسكلابيوس (إله الطب) وهناك من طابقه مع النبي (يوسف) وغير ذلك. ونرى أن له علاقة بهرمس الحكيم المشهور الذي ظهر في العالم القديم.
الحكيم بتاح حتب – الأدب المصري القديم:
وهو الحكيم الذي ظهر مع الأسرة المصرية الخامسة وهو وزير الملك جد كا رع، وقد وضعت تعاليمه في بردية بريس التي تعود لحصر الدولة الوسطى، وكانت حكمته تدرس حتى عصر الاسرة المصرية الثامنة عشر.
وقد وضع حكمته في البردية على أنها (كلمات الإله) وعددها 37 حكمة شملت آداب التواضع والمحادثة والعدالة والحقيقة والوداعة والمائدة والكرم والأمانة واحترام الواجب والسعادة وحق الأبناء والتقاليد والخلاص والنساء والفوز بالزوجة الصالحة والنميمة وغيرها، وهذه بعض حكمه:
نصائح الحكيم بتاح حوتب لولده:
“لا تزهد بمعارفك، ولا تحسبن نفسك عالماً، ولكن اجعل الأمر شورى مع الجميع، خذ نصيحة الجاهل، كما نأخذ نصيحة العالم، لأن حدود العالم لا نهائية، وليس هناك من يبلغ الكمال في أحاديثه، والقول الحكيم أشد ندرة من الحجر الأخضر، وهع ذلك فقد تجده الإماء اللائي يجلسن إلى الرحى”.
“إذا وجدت رجة يتكلم، وكان أكبر منك وأسدى حكمة، فأصغ إليه، واحن ظهرك أمامه، وإلا تغضب إلا إذا تفوه بالسوء، وعندئذ سيقول عنه الناس: تباً له من جاهل – إذا وجدت رجلاً مساوياً لك يتجادل، وأثار حديث السوء فلا تسكت، بل أظهر حكمتك. وحسن أدبك، فإن الكل سيثنون عليك، وسيحسن ذكرك عند العظماء – إذا وجدت رجلاً فقيراً (ليس مساوياً لك) يتكلم فلن تحتقره لأنه أقل منك، بل دعه وشأنه، ولا تحرجه لتسر قلبك، ولا تصب عليه جام غضبك فإذا بدا لك أن تطيع أهواء قلبك فتظلمه، فاقهر أهواك، لأن الظلم لا يتفق مع شيم الكرام”.
نصوص أمثال الحكيم بتاح حوتب الأدب المصري القديم
- ما أعظم الإنسان الذي يهتدي إلى الحق وإلى الصراط المستقيم
- من خالف الشرائع والقوانين نال شر الجزاء
- لا ينجو الأثيم من النار في الحياة الآخرة
- إن حدود العدالة لثابتة وغير قابلة للتغيير
- إذا دعاك كبير إلى الطعام فاقبل ما يقدمه لك ولا تطل نظرك إليه ولا تبادره بالحديث قبل أن يسألك لأنك تجهل ما يوافق مشربه. بل تكلم عندما يسألك فيعجبه كلامك
- إذا كلفك كبير بحاجة فأنجزها له حسب رغبته
- إذا تعرفت برجل رفيع المقام فاحترمه وقدره قدره اللائق به، تتفوق عليه في الكلام لئلا يعارضك من هو أكبر منك نفوذاً وأكثر خبرة لأن من الجهل أن تتكلم في مواضع شتى في آن واحد
- لا تعق كبيراً عن عمله متى رأيته مشغولاً فإن الإنسان يعادي من يعطل عليه أعماله
- لا تخن من ائتمنك… لتزداد شرفاً ويعمر بيتك.
الحكيم إيبور (إيبو العجوز) – حكماء مصر القديمة:
وهو الحكيم الذي حذر من ثورة اجتماعية احد اشهر الثورات في مصر القديمة قادمة في زمن الأسرة السادسة، وكان موضوع التحذيرات هو ظهور علامات على خراب شامل في البلاد في عهد أحد الحكام فثار عامة الناس على الموظفين والطبقة الحاكمة وعصى الجند قادة البلاد.
وقام الساميون بتهديد الحدود الشرقية لمصر وانحل نظام الحكم المنظم في مصر تماماً، وقضي على المنجزات الحضارية التي ظهرت في العهدين العتيق والقديم، وكان الملك الطاعن في السن يعيش في طمأنينة في قصره تحيطه الأكاذيب التي كان يسمعها له موظفوه الكبار.
وحين ظهر الحكيم إيبور ونطق بالحقيقة وأوصل وصفه لما آلت إليه الأمور وأوصل كلامه للملك ووصف له الخراب الذي عم البلاد وتنبأ بما سيأتي بعد، وكان محقاً في تحذيراته وتنبؤاته ولكن الأوان قد فات ولم يستطع الملك العجوز إيقاف التداعي الذي تراكم عبر فساد حكام الأقاليم والأمراء والوزراء وحتى الملوك.
حصل ذلك في نهاية الدولة القديمة حيث بدت مصر في نهاية الأسرة السادسة وما بعدها لغاية الأسرة الثانية عشر وكأنها غرقت في ظلام دامس؛ فقد غابت عن الوجود وبدت كما لو أنها سقطت في بئر من الظلام، ويرى المؤرخون أن الملك الذي اختفت معه الدولة القديمة ربما يكون بيبي الثاني الذي جلس على العرش في السنة السادسة من عمره وحكم أربعة وتسعين عاماً كما تقود النصوص المصرية نفسها.
وهكذا كانت حكمة إيبور شهادة على شرف عظماء البلاد من حكماء ومثقفين من أجل إصلاح الأمور وتدوين ما حصل.
عاش هذا الحكيم في زمن الأسرة السادسة: حوالى (-2374 2280) ق.م وعاصر الملك بيبي الثاني ووجه له تعاليمه، وقد اشتهر إيبور بوصفه للثورة الاجتماعية المدونة على بردية لايدن 344 والتي سمت لاحقاً بـاسم بردية إيبوير، أما حكمته فقد وضعها في قول منثور وقصائد شعرية في الحكمة حيث وصف الفساد ومظاهر الفساد في ذلك العصر وتصاعد المأساة ثم ذكر سادة الآلهة ووصف المستقبل البعيد. وكان زمن البردية كتابة هو الأسرة 18 وما بعدها لغاية الأسرة 19 ومكتوبة بالخط الهيراطيقي، وتسمى تحذيرات إيبور.
نصوص تحذيرات الحكيم إيبور الأدب المصري القديم
حقاً إن الأرض تدور كعجلة الفخار، واللص أصبح صاحب ثروة
حقاً إن النهر قد امتلأ بالدم، فأصبح الرجل يعاف الشرب منه، حقاً إن البلاد قد أصابها الدمار، وأصبح الصعيد خاوياً انظر لترى قلائد الذهب والجواهر على نحور الجواري، على حين تشتهى الحرة كسرة من خبز، وتقول “أما من شيء نأكله”
“انظر: لقد حدث هذا بين الناس، فمن لم يكن في قدرته أن يقيم في حجرة، أصبح الآن يملك فناء مسوراً، انظر: إن الفضيلات الشريفات يرقدن على الفراش الخشن، والأمراء ينامون في المخزن، ومن لم يكن ميسراً له أن ينام على الجدران، أصبح صاحب سرير، إن الرجل الغنى أصبح يمضى اللعل وهو ظمآن، ومن كان يستجدى منه الحثالة، أصبح يمتلك الجعة القوية، انظر: إن أولئك الذين كانوا يمتلكون الملابس أصبحوا في خرق بالية، انظر: إن الذى لم يصنع أبداً قارباً، أصبح الآن يملك سفناً، وأصح صاحبها ينظر إلبها، غير أنها لم تعد ملكاً له؛ انظر: إن الذى لم يكن يملك ما يظله من حرارة الشمس، أصبح الآن يملك ظلاً، والذين كانوا يملكون ما يأويهم، أصبحوا عرضة للعاصفة.
“انظر لترى المناصب وقد خلت من أربابها، ولترى الناس يهيمون كالأنعام، بل هم أضل سبيلاً، حقاً لقد عز الذليل، وذل العزيز، وطمع الغرباء في البلاد، فها هم ينتشرون في الأرض، ويعيثون فيها فساداً.
انظر: لقد عم الحزن البلاد من أقصاها إلى أقصاها، والناس يستغيثون ولا مغيث ويستجيرون ولا هجير.
انظر: لقد أصبحت الحياة مرة حتى عافها الناس، رخيصة حتى هانت على الناس، يقول الكبير: يا ليتنى مت قبل هذا، وكنت نسيا منسياً، وبقول الصغير: ليت أمي لم تلدني.
انظر: كيف يضحك الوضيع من بكاء العظيم.
انظر: لقد أصح الناس يأكلون الحشائش، ويشربون الماء، ولا توجد فاكهة، كما لا يوجد عشب يأكل منه الحيوان والطير، وأصبحت القاذورات تختطف من أفواه الخنازير، ولم يعد أحد يقول: هذا لى.
الحكيم دوا خيتي – حكماء مصر القديمة:
عاش هذا الحكيم حوالي 2300 ق.م إبان الأسرة التاسعة وربما كان الملك خيتي الأول معاصراً له، وقد ألف أحد المواعظ والتعاليم لابنه (بيبي)، ويحتقد البعض أن المؤلف هو نفسه مؤلف وصايا امنمحات، والتعاليم تصف مساوئ المهن وتمجد بمهنة الكتابة وتعرف باسم تعاليم دوا-خيتي او مساوئ الحرف، وقد جاء النص في بردية ممزقة من عصر الأسرة 19 وهي محفوظة الآن في المتحف البريطاني. وتسمى أيضاً بردية (دواؤف).
الحكيم خيتي (أختوي) الملك – حكماء مصر القديمة:
ظهرت تعاليم الملك إلى ابنه مريكرع حوالي 2133 ق.م من الاسرة المصرية العاشرة، وهو الملك خيتي الثالث، وكانت تحث على الحكمة السياسية وطريقة الحكم واحترام الشعب وإقامة العدالة والعمران وتحث على مخافة الإله وأداء الطقوس، وقد كتب نص تعاليمه في بردية محفوظة في متحف ليننغراد كتبت منذ الأسرة 18.
وجاء في بعضها: “هدئ من روع الباكي ولا تظلم الأرملة، ولا تحرم إنساناً من ثروة أبيه، ولن تطرد موظفاً من عمله، على حذر ممن ينتقم مما قد وضع عليه من ظلم، لا تقتل فإن ذلك لن يكون ذا فائدة لك، بل عاقب بالضرب والحبس فإن ذلك يقيم دعائم هذه البلاد، اللهم إلا من يثور عليك وتتح لك مقاصده، فإن الله يعلم خائنة القلب والله هو الذي يعاقب أخطاءه بدمه، لا تقتل رجلاً إذا كنت تعرف جميل مزاياه، رجلاً كنت تتلو معه الكتابات أي زميلك في المدرسة.
الحكيم نب – كاورع الأدب المصري القديم
ربما كان هذا الحكيم نب كاو رع هو آخر ملوك الأسرة التاسعة ويسمى الملك أختيوس الثاني في عصر الاضمحلال الأول، وقد جاء ذكره في قصة الفلاح الفصيح وكان معروفاً بالسخرية؛ وقد ترك حكمته موجهة إلى ابنه مريكاورع حوالي 2000 ق.م وكانت تشير إلى تمجيد صناعة الكلام والمحادثة وحب الخير والحذر واليقظة والحديث عن كبار الموظفين وواجبات الحاكم والتذكير بالعالم الآخر ويوم الحساب ومعاملة الجيل الجديد والنشاط والعدل وصفات الحاكم.
الحكيم آني – حكماء مصر القديمة:
الحكيم آني ظهر في حدود 1580 – 1558 ق.م في عصر الملكة أحمس نفرتاري زوجة الملك أحمس الأول، لكن برديته وصلت لنا بعد نسخها المتواصل من عهد الاسرة المصرية الحادية والعشرون وهي محفوظة في المتحف المصري “متاحف في القاهرة” في ميدان التحرير (بردية بولاق 4) وهناك بعض فقرات النصائح في برديات أخرى وقد كتبت البردية في عصر الاضمحلال الثالث كانت فيه السيادة لرجال الدين والدعوات للرضوخ لحكم القضاء والقدر والتدين الأعمى.
وتسمى البردية بـنصائح بردية آنى الموجهة لولده خونسو حتب:
- أخلص لله تعالى في أعمالك تتقرب إليه وتبرهن على صدق عبوديتك حتى تنالك رحمته وتلحظك عنايته فإنه يهمل من توانى في خدمته.
- لا تتقرب إلى ربك بما يكرهه ولا تبحث أسرار ملكوته فهي فوق مدارك العقول، واحفظ وصاياه وإرشاداته فإنه يرفع من يمجده.
- احترم الأعياد وأد شعائرها وإلا فقد خالفت أوامر الله.
- لا تستعمل الغوغاء والضجيج في بيت الله أيام أعيادك وادع ربك تضرعاً وخفية بقلب مخلص فذلك أقرب للإجابة.
- إذا استشارك أحد فأشر عليه بما تقتضيه الكتب المنزلة.
- تتهذب النفوس بالحسنات والترنيمات والسجود.
- من اتهم زوراً فليرفع مظلمته إلى الله تعالى فإنه كفيل بإظهار الحق وإزهاق الباطل.
- اجعل لك مبدأ صالحاً وضع نصب عينيك في جميع أحوالك غاية شريفة تسعى إليها لتصل إلى شيخوخة حميدة وتهيئ لك مكاناً في الآخرة فإن الأبرار لا تزعجهم سكرات الموت.
- صن لسانك عن مساوئ الناس فإن اللسان سبب كل الشرور وتحر محاسن الكلام واجتنب قبائحه فإنك ستسأل يوم القيامة عن كل لفظة.
- تزوج حدثاً لترى لك ولداً في ريعان شبابك يكون سبباً في احترامك وإجلالك وبرهاناً على صلاحك وتقواك.
“سأحدثك بكل ما هو حسن، لكي يحبه قلبك، فاتبع ما أقول، حش تكون محمود السيرة، بعيداً عن كل شر، ويقول عنك الناس: إنك لعلى خلق عظيم، ولذ يقولون: إنك فاسد بليد، وإذا اتبعت ما أقول فإنك ستتجنب كل شر، وتبتعد عن مواطن الزلل” وفي الزواج المبكر والحض عليه يقول آني لولده “خونسو حتب”: “تخير لنفسك زوجة منذ الصبا، عساها تنجب لك طفلة، فإنها إن أنجبته وأنت شاب، استطعت أن تربيه وتجعله رجلاً، وطوبى للرجل إذا أصبح كثير الأهل، وأصبح يرتجى من أجل أبنائه”
نصوص الحكيم آني في آداب الزيارة الأدب المصري القديم
“لا تكن سليطاً ولا متطفلاً، ولا تدخل بيت غيرك (من غير إذن)، وعندما تكون في منزل أناس آخرين، وترى عيناك شيئاً فالزم الصمت ولا تبح به لأي شخص كان في الخارج، حتى لا تكون لك جريمة كبرى، عندما يصل أمره إلى الأسماع”
“وفي تحذير ولده من النساء الغريبات وارتكاب الفاحشة يقول آني: كن على حذر من المرأة المجهولة، لا تطل النظر إليها عندما تمر بك، ولا تقضي منها وطراً، فقد تراودك عن نفسها، لا تستجب لها حتى في غفلة من الناس، إنها جريمة يستحق صاحبها الموت عندما يشيع أمرها بين الناس”.
الحكيم أمنموبى – تعاليم أمينيموبي:
مع الحكيم أمنمؤبي نصل إلى ذروة الحكمة المصرية في تطورها فقد ظهر في حدود 1000 ق.م بين الأسرتين 21 – الاسرة المصرية الثانية والعشرون، وقد وجه نصائحه إلى ابنه (حور ماحر) على بردية حصل عليها والس بدج 1888 م وهي محفوظة في المتحف البريطاني برقم 10474، ويرى الكثير من الباحثين أنها أساس ما دونته التوراة في الحكم والأمثال المنسوبة إلى الملك سليمان.
كان أمنمؤبي موظفاً في مخزن للحبوب بدرجة ناظر في شؤون الحبوب في إقليم أبيدوس وكان اسم والده (كار نخت) وكان ولده أحد كهنة الإله مين في أخميم ولديه مقبرة نخت ضمن مقابر الشيخ عبد القرنة والمعروفة باسم مقابر النبلاء بالأقصر “مقابر طيبة” وكان عدد فصول الوصايا هو ثلاثين. وينقسم الفصل الثامن إلى ثلاثة أقسام
أولها: عن أهمية الذكرى الطيبة، “اغرس طيبتك في قلوب الناس، حتى يحييك كل إنسان”
وثانيها: يحض على اجتناب القول الخبيث، “كن رصيناً في تفكيرك، وثبت فؤادك، وإلا نتعود على أن تجدف بلسانك حتى تكون مضلاً عند الآخرين، ومحترماً في شيخوختك، وآمناً من بطش الإله (الله).
وثالثهما: عن حفظ السر، “لا تفضح إنساناً بهتك سره، وإذا عرض عليك أمر لتحكم فيه، فكون رأيك في نفسك، واجعل الحسن منه على لسانك، وأما القيح فأخفه في بطنك”
ويحث الفصل التاسع على تجنب الأحمق وسبله، ونقتبس منه:
“لا تصاحب الأحمق واحذر من الاندفاع”.
“لا تصاحبن رجلة حاد الطبع، ولا تلحن في مصادقته، واحفظ لسانك من مقاطعة من هو أرفع منك مقاماً، وخذ الحيطة لنفسك من أن تذمه، ولا تجعله يرمي بكلام يوقعك في شرهه”.
“والرجل الأحمق يقول قولاً مقنعاً يستحق عليه الضرب، وجوابه مليء بالشر، وهو يثير النزاع بين الأخوة، واللهيب يتقد في جوفه فحذار أن تنضم إلى هذا الرجل”.
الحكيم أمنبت بن كانخت –الأدب المصري القديم:
عاش حوالي 1000 ق.م وكتبت حكمه وأمثاله بالخط الهيروغليفي على الورق البردي المحفوظ اليوم في المتحف البريطاني تحت رقم 101745 ويرجع تاريخها إلى الأسرة الثانية والعشرين وقد عمل على ترجمتها إلى الانكليزية عالم المصريات والاثار الانجليزي الدكتور واليس بودج ومنها:
- احفظ هذه الوصايا واعمل بها تعش سعيداً وإلا تهملها لئلا تحل بك النكبات والمصائب.
- لا تسرق مال غيرك لئلا يقبض الله روحك في لمحة بصر، ويبدل أموالك ويخرب بيتك، وتصير عبرة لمواطنيك ومخيفة في أفواههم في حياتك وبعد مماتك.
- إذا أنل الغني فقيراً أذله الله تعالى في هذه الدنيا وأذاقه عناب النار في الآخرة.
- اجتنب سيئ الخلق فإنه أحمق ممقوت من الله والناس.
- سبح الله تعالى واعص الشيطان.
- لا تغالط شريكك أو زميلك في الحساب فيبغضك الله وتشتهر بالغدر والخيانة.
- لا تظهر أمام الناس غير ما تبطن فتخدعهم واجعل باطنك كظاهرك فإن الله يبغض الكذوب المخادع”.
الحكيم لقمان:
هناك الكثير من الغموض يكتنف شخصية لقمان الحكيم، ولكن الأرجح أنه حكيم مصري عاس في النوبة في حدود حكم الأسرة 21، ولا شك أن اسمه هذا وصل لنا بصيغته اليونانية التي صاغها اللسان العربي (لقمان) وورد ذكره في القرآن الكريم. وليس هناك آثار أو برديات عنه وعن حكمته، بل هناك مرويات إسلامية تذكر أنه ابن اخت النبي (أيوب) وهو من أسوان بمصر. الكثير من حكمه وردت عند الحكيم الآشوري الآرامي (أحيقار) الذي كان وزيراً في بلاط الملك الآشوري الملك سنحاريب ثم ولده الملك آسرحدون (680_ 669) ق.م والذي زار مصر في عهد الملك طهارقة.
الحكيم عنخ شاشنقي – حكماء مصر القديمة:
كاهن وحكيم مصري عاش في عين شمس في القرن الخامس قبل الميلاد، ويعتبر آخر أصحاب التعاليم الكبيرة والمؤثرة، وتمت مقارنته لاحقاً بزرادشت وتعاليمه… وتم اتهامه بالتستر على مؤامرة ضد الفرعون وسجن رغم براءته، ومن تعاليمه وتعبيراته ما يلي:
- لا تكن ساقط الهمة حين الشدة… وافعل الخير وارمه وسط البحر… وإذا فعلت معروفاً لخمسمائة إنسان ورعاه واحد فحسبك أن جزءاً منه لم يضع.
- زوج ابنتك لصائغ… ولكن لا تزوج ابنك لابنته.
- قد يستر الصمت حمقاً… وقد يفضل البكم زلق اللسان… وآية الحكيم فمه… وإنما يأتي التعليم بعد رقي الخلق… ولا تقل إني عالم وتفرغ للعلم… رفيق الغبي غبي ورفيق الحصيف حصيف ورفيق الأبله أبله.
- لا تشاور عالماً في أمر تافه ولا تشاور جاهلا في أمر جلل، ومن وعي ما تعلمه تفكر في زلاته.
- فشلٌ كريم خير من نصف نجاح… الموت خير من الحاجة… من هز حجراً وقع على رجله… من سرق متاع آخر لن يبارك له فيه… يسرق السارق بالليل ويقبض عليه بالنهار.
نصوص للحكيم عنخ شاشنقي الأدب المصري القديم
أعط الشغال رغيفاً تأخذ رغيفين من كتفيه.
العزلة خير من أخ شرير.
من حزن مع اهل بلده فرح معهم.
لا تلف كثيراً حتى لا تتوقف.
وعندما ضاع الحق في بلده نعي ذلك إلى رع – الإله الذي يعبده ويتقرب إليه – بكلمات تقطر ألماً وحزناً على ما آل إليه الوضع في البلاد فقال:
إذا غضب رع على أرفن نسي حاكمها العرف.
إذا غضب رع على أرض عطل القانون فيها.
إذا غضب رع على أرض أبعد الطهر منها.
إذا غضب رع على أرض عطل العدل فيها.
إذا غضب رع على أرض سقطت الأقدار فيها.
إذا غضب رع على أرض ضاعت الثقة فيها.
إذا غضب رع على أرفن رفعت جهلتها وخفضت عليتها.
إذا غضب رع على أرض جعلت أغبياءها فوق علمائها.
الحكيم بدي اوزر (بتوزريس):
كان (بدي أوزر) أو (بتوزريس كما أسماه الإغريق) يقف على رأس مجموعة من حكماء عائلته وهم معه (شسو، جد جحوتي إن عنخ، جدحر، بتوكم) وقد ظهروا في عصر الأسرة المصرية الثلاثون وهي آخر أسرة فرعونية في حدود 360 ق.م إبان الغزو الفارسي الثاني والإسكندر الأكبر، وقد عثر على نصوصهم مدونة على جدران المقبرة التي شيدها بدي أوزر وهي أشبه بالنداءات إلى الأحياء أو البيانات الأخلاقية للسير الذاتية وتتكون من عدة مدونات وتحتوي على تعاليم أخلاقية للطريق المستقيم وتعاليم الآلهة والخير وأخلاق الموت والدفن…إلخ.
كان بدي – أوزر كبير كهنة الإله تحوت في مدينة الأشمونين (هرمو بوليس) في أواخر الحكم الفارسي وفي أيام الاسكندر المقدوني وقد عاش حتى 300 ق.م، وينظر له كنبي تحوت، ولا شك أن له علاقة بشيوع الهرمسية في هذا الزمن، ومقبرته في جبانة تونا الجبل بالمنيا والقرب محافظة أسيوط وقد جمعت بين الفنين المصري واليوناني وفيها بعض مناظر للحياة اليومية والزراعية وبعض الصناعات.
فلسفة مصر القديمة وأثرها على نظيرتها الثقافة والفلسفة اليونانية عبر التاريخ، اكتشف تاريخ وحقائق لجميع مراحل تأثر الفكر اليوناني القديم بالفكر المصري الحضارة الفرعونية في الاعتقاد وعبادة وكيف كان التواصل بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة الإغريقية والمزيد من الاسرار الفراعنة.
فلسفة مصر القديمة – الأدب المصري القديم:
الكتاب المهم الذي ألفه جورج جيمس (الفلسفة اليونانية فلسفة مصرية مسروقة) والذي ترجمه إلى العربية شوقي جلال، يلقي الضوء ساطعاً على انتحال الحكمة المصرية وجمعها وإعادة تأليفها تحت أسماء إغريقية (أيونية تحديداً) ثم إعادة صياغتها من قبل أرسطو وجماعته بطريقة أثينية جعلتها
. تندمج في تاريخ اليونان وتقطع جذورها المصرية بطريقة تدعو إلى العجب.
كان مصدر الفلسفة اليونانية الأول هو مدرسة نظم الأسرار المصرية ثم برديات الحكماء العصريين الذي ذكرناهم والذين أمدوا الفلسفة اليونانية بالكثير من الجوانب الإنسانية والأخلاقية.
يرى جيمس أن نظام الأسرار المصري كان هو النظام المركزي الذي انطلقت منه أنظمة محيطية في آسيا واليونان بشكل خاص، فالمحفل المصري الأعظم (الأوزوريكا الأعظم) كان هو معبد القصر قرب معبد دندرة بقنا ومعه معبد الكرنك بالاقصر الذي يعلم فلسفة الأسرار.
أما المعابد المحيطية الثانوية فهي (المعبد الأيوني في ديديما ومعبد إقليدس في ميجارا، ومجمع فيثاغورس في كروتونا والمعبد الأورفي في دلفي) وهكذا جرى تعليم النابهين من أهل أيونيا بشكل خاص في المعابد المصرية الأصلية أو المعابد المحيطية.
وقام هؤلاء بتبنيها سراً ثم علناً؛ لأن الحكومات الإغريقية (ومنها حكومة أثينا) كانت تعتبر هذه الأسرار خروجاً على الديانة الإغريقية وإفساداً لشباب الإغريق، وهذا ما جرى باسمه ملاحقة أنكساغوراس وإعدام سقراط وهرلب أفلاطون وأرسطو.
لم تكن بلاد الإغريق مهيأة لظهور الفلسفة بحكم عدم وحدتها وتناثر جماعات التحالف والاتحادات الإغريقية والحروب الأهلية ومنها حروبا البلوبونيز فضلاً عن غزوات الفرس.
ولذلك لا يمكن استيعاب فكرة ظهور الفلسفة كنمط عقلي جديد يوازي العقل الديني السائد والموروث، وكان لا بد أن يصطدم هذا النمط بذهنية حكومات دويلات المدن الإغريقية.
ويروي لنا كل من ديودور، ومانيتو، أحد كبار الكهنة المصريين، أنه تم العثور على نصبين في العرابة المدفونة أحدهما للإلهة إيزيس والثاني للإله اوزوريس. ومنقوش على الثاني قول الإله إنه قاد جيشاً عبر الهند إلى منابع نهر الدانوب حتى وصل إلى مشارف المحيط.
فلسفة مصر القديمة:
معنى هذا بطبيعة الحال أن الإمبراطورية المصرية خلال فترة زمنية باكرة جداً لم تكن تشمل فقط جزر بحر إيجة وأيونيا بل امتدت حتى الأطراف البعيدة من الشرق. وعلمنا أيضاً أن الملك سنوسرت الأول من الأسرة الثانية عشرة (حوالي 1900 ق.م) غزا كل المنطقة المطلة على الساحل الشرقي للهند إلى ما وراء نهر الجانجز وحتى المحيط الشرقي، وقيل أيضاً إن غزواته شملت مجموعة جزر كيكلاديس وجزءاً واسعاً من أوروبا.
ولذلك نما هذا النمط في الأطراف الآسيوية وكانت أيونيا هي مهد الفلسفة لصلتها بآسيا من جهة ولأن متعلميها نشؤوا علمياً في المدارس والمعابد المصرية الخاصة بالأسرار.
كانت أيونيا (مهد الفلسفة) تحت السيطرة الفارسية وكانت تضم (الأوزيريكا الصغرى)، وكانت مصر كلها تحت السيطرة الفارسية أيضاً في القرن السابع قبل الميلاد وهي مركز الأوزيريكا الكبرى، وكان من السهل انتقال المتعلمين والأفكار في مدن امبراطورية فارسية شاسعة.
لقد كانت مدارس الفلسفة الكلدانية واليونانية والفارسية جزءاً من نظام الأسرار المصري القديم. وكانت هذه المدارس تدار سراً حسب أوامر المحفل الأعظم أو الأوزيريكا الذي أصبحت تعاليمه شائعة ومطبقة في جميع المدارس.
ونظراً للالتزام بمتطلبات السرية كان محظوراً تماماً كتابة أو نشر التعاليم. ومن ثم فإن المريدين الجدد الذين حققوا نجاحات في ممارساتهم وتثقيفهم وارتقوا إلى مرتبة السيد أو المعلم كانوا يحجمون عن نشر تعاليم نظم الأسرار المصرية أو الفلسفة.
بداية انتشار فلسفة مصر القديمة:
ولعل النواة التي ظهرت منها الفلسفة كانت هي عقيدة الخلاص المصرية التي كانت تقضي بأن في الإنسان روحاً هي قبس إلهي يمكن للإنسان أن يحررها من جسده عن طريق التطهر والعبادة والتأمل، وبذلك يتصل بالآلهة ويعيش خالداً ويبلغ مرحلة الكشف الصوفي والخلود ويحرر روحه من عجلة التناسخ أو إعادة الميلاد.
كانت هذه العقيدة السرية للكهنة الأوزيريين تنمو تحت العقائد الشمسية التي تمجد الفرعون وتحافظ على الجسد (جسد الفرعون بشكل خاص) وتضمن، عن طريق التحنيط، دمجه بالروح من جديد.
تأثر التلامذة الأيونيون الأوائل بهذه الفكرة السرية وغيرها من أفكار نشوء الكون من العناصر الأربعة، وكان أغلبهم ملحداً لا يؤمن بالآلهة الإغريقية، وحين جاؤوا إلى بلادهم
جردوا هذا الأفكار من الآلهة، وتحدثوا عنها بلغة الطبيعة والمفاهيم والمثل دون أن يذكروا الآلهة… وهكذا ولدت الفلسفة.
ونتيجة لذلك فإن أي نشر أو ترويج للفلسفة، لا يمكن أن يصدر مباشرة عن الفلاسفة الأصليين أنفسهم وإنما عن أحد طريقين؛ إما عن طريق أصدقاء مقربين إليهم يعرفون آراءهم كما هو الحال بالنسبة إلى كل من فيثاغورس أو سقراط، أو عن طريق أشخاص مهتمين سجلوا تعاليمهم الفلسفية التي أضحت رأياً شائعاً وتقليداً رائجاً.
ومن ثم لا عجب أن يلجأ المرجع الأوحد المحدد وجهة إبداع الفلسفة اليونانية. ولهذا السبب تحيط شكوك هامة وكثيرة بما يسمى الإبداع اليوناني للفلسفة.
ولا شك أن الأمور لم تكن بهذه البساطة، لكن أرسطو وتلامذته، بعد غزو الاسكندر لمصر، قاموا بكتابة تاريخ الفلسفة بالطريقة المنسقة التي تخلو من الإشارة إلى معابد الأسرار وعقائدها.
المرحلة الأولى الأدب المصري القديم
ظهر ما يقرب من اثني عشر فيلسوفاً يونانياً قبل سقراط، بدأت بهم مدرسة أيونيا الأولى وهم (طاليس، انسكيماندر، انكسيمانس)، كلهم ولدوا في ميلينس وكلهم سافروا ودرسوا في مصر… وحين عادوا قال طاليس إن أصل العالم هو الماء، بينما قال انكسيماندر إن أصله هو البيرون (الفضاء اللامتناهي)، وقال أنكسيمانس إن الهواء هو أصل العالم، ولم يذكروا الآلهة. وهكذا تأسست بدايات الفلسفة الإغريقية التي كانت جذورها في تعاليم مدارس الأسرار المصرية.
أما فيثاغورس الذي تلقى أرقى تعليمه في مصر ودخل إلى أعمق أسرار مدارسها الروحية (لدرجة أنه قبل الاختتان وكان شرطاً من شروط الدرجات العليا في التعليم المصري)؛ تلقى فيثاغورس تعاليم نظام الأسرار الخاصة بالتناسخ وخلود النفس والخلاص وأسرار الأعداد والرياضيات وهي المبادئ التي أسس عليها فلسفته ومدرسته الشهيرة.
يروي التاريخ أن فيثاغورس عاد إلى جزيرة ساموس مهبط رأسه بعد أن تلقى ثقافته في مصر، وأسس في بلدته مذهبه الديني لفترة قصيرة هاجر بعدها إلى كروتون (540 ق.م) في جنوب ايطاليا حيث تعاظم شأن مذهبه بدرجة كبيرة إلى أن تم طرده نهائياً من ذلك البلد.
وقيل لنا أيضاً إن طاليس (640 ق.م) الذي تلقى هو الآخر تعليمه في مصر، هو ورفيقاه أنكسماندر وأناكسيمانز كانوا جميعاً من مواطني أيونيا في آسيا الوسطى التي كانت قلعة من قلاع مدارس نظم الأسرار المصرية حيث واصلوا طقوسهم وتعاليمهم هناك. وقيل لنا بالمثل إن أكزينوفان (576 ق.م) وبارمينيديس وزيتو ومليسوس كانوا أيضاً من مواطني أيونيا وهاجروا إلى إيليا في ايطاليا، واستقروا هناك ونشروا تعاليم نظم الأسرار المصرية.
المدارس الاغريقية التي تاثرت بــ فلسفة مصر القديمة:
المدرسة الإيلية التي ضمت (أكزينوفان، بارمتيدس، زينو، ميليسوس) تأثرت بتعاليم الأسرار المصرية ونبغ فيهم، بشكل خاص، بارمنيدس الذي أسس الميتافيزيقيا (الطريق إلى الحق) والأبستمولوجيا (الطريق إلى المعرفة) والكوزمولوجيا (الطريق إلى الكون) وناقش أنثربولوجيا الظواهر. وعلى يده نضجت الفلسفة الإغريقية بشكل أوضح.
أما المدرسة الأيونية المتأخرة فقد ضمت (هراقليطس وانكسوجوراس وديموقريطس) حيث نهل أعلامها من مدارس ومعابد الأسرار المصرية فقال هيراقليطس بأن أصل العالم هو النار وهو مبدأ مصري (بير = هرم= نار) لأنها من الشمس نار الكون المركزية فضلاً عن مبادئه في الفيض الكوني والمعرفي والعقل الكلي (اللوغوس).
وبلغنا بالمثل أن هيراقليطس (530 ق.م) وأمبيدوقليس وأنكساجوراس وديموقريطس كانوا أيضاً من مواطني أيونيا، وعنوا بأمور الطبيعيات. لذلك فإننا حين نتعقب مسار ما سمي الفلسفة اليونانية نجد أن تلامذة أيونيا عادوا إلى موطنهم الأصلي بعد أن تلقوا تعليمهم على أيدي الكهنة المصريين؛ هذا بينما هاجر البعض الآخر إلى أنحاء أخرى من إيطاليا حيث استقروا هناك.
أما أنكسغوراس فقد ثبت مبادئ العقل والإحساس، وقال ديمقريطس بمبدأ الذرة والخلق والحياة والموت والإحساس والمعرفة. هذه المبادئ الأولى التي نشأت على أساسها الفلسفة اليونانية هي التي ستشكل أساس الهيكل الفلسفي اللاحق.
كانت هناك مدارس لتلقين الأسرار أو ما يمكن أن نسميها بشكل عام المحافل الصغرى في اليونان وفي الأقطار الأخرى خارج مصر، والتي تؤدي دورها ونشاطاتها وفقاً لتعليمات الأوزيريكا أي المعبد أو المحفل الأعظم المصري. وكثيراً ما كان يشار إلى هذه المدارس باعتبارها مذاهب خاصة أو فلسفية لطقوس دينية سرية.
ومؤسسوها من مريدي نظم الأسرار المصرية. وكان المعبد الأيوني في ديديما ومحفل أو معبد إقليديس في ميغارا.
ومحفل فيثاغورس في كروتونا والمعبد الأورفي في دلفي علاوة على مدارس أفلاطون وأرسطو. وبناء على هذا نخطئ إذا ما افترضنا أن من يسمون فلاسفة اليونان أقاموا مذاهب جديدة خاصة بهم وهم أصحابها ومبدعوها. ذلك لأن فلسفتهم إنما جاءتهم على أيدي كبار العلماء من الكهنة المصريين عن طريق نظم الأسرار المصرية.
وكان المحفل الأعظم المصري يتولى إدارة وتوجيه نظم الأسرار؛ ويسمح، علاوة على هذا، بتبادل الزيارات بين المحافل الصغرى المختلغة لضمان تقدم الإخوة الأعضاء في العلوم السرية.
المرحلة الثانية:
التي شغلها (سقراط، أفلاطون، أرسطو) هي المرحلة الأثينية حيث دخلت الفلسفة عنوة إلى أثينا وراح سقراط ضحيتها وطرد أفلاطون وأرسطو بعدهما. نقلت الفلسفة من المبادئ الأساسية إلى البناء والمعمارية حيث بنى هؤلاء الفلاسفة شكلها المميز، ولكن ذلك لم يكن بجهودهم الشخصية فقط بل لأنهم نهلوا أيضاً وبغزارة أكبر من الذين قبلهم من حكمة الأسرار المصرية.
من ثم يوضح لنا التاريخ أن البلدان المجاورة لمصر ألفت جميعها نظم الأسرار المصرية قبل أثينا بقرون طويلة البلد الذي حكم بالإعدام على سقراط عام 399 ق.م.
مما اضطر أفلاطون وأرسطو إلى الهرب من أثينا إنقاذاً لحياتهما. وسبب ذلك أن الفلسفة كانت أمرأ غريباً أجنبياً غير معروف لديهم. ولهذا السبب نفسه يحق لنا أن نتوقع أن يبادر الأيونيون أو الايطاليون بادعاء أنهم أصحاب فلسفة نظراً لاقترانها بهم قبل الأثينيين بزمن طويل، خاصة وأن الأثينيين كانوا دائماً ألد أعدائهم إلى أن غزا الإسكندر مصر وهي الغزوة التي يسرت لأرسطو فرصة الوصول إلى مكتبة الاسكندرية دون عائق.
يحاول جورج جيمس إثبات أن سقراط كان عضواً مميزاً في نظام الأسرار المصري. نال مرتبة رفيعة فيه بدليل أنه لم يهرب من الموت (رغم أن الكثيرين عرضوا عليه الهرب) بل اعتبر ذلك قدره، وكانت مبادئه تنضح من أفكار الأسرار المصرية.
ومن أهم مبادئه هو مبدأ العقل الكلي (نوس) أو العلة العاقلة التي كانت تجسدها العين المفتوحة لأوزيريس وحورس والتي تشير إلى البصيرة الكونية للإله والوجود غير المحدود للإله باعتباره العاقل الأعظم. ومبدأ الخير الأسمى الذي عبرت عنه نظم الأسرار المصرية القديمة وصرحت بأنه غرض الفضيلة وخلاص النفس.
أما مبادئه الأخرى في (التناسخ والخلود وكون الجسد مقبرة النفس والأضداد والتناغم) فهي أفكار أخذها من الفيثاغوريين الذين أخذوها بدورهم من الأسرار المصرية.
افلاطون ودراسة فلسفة مصر القديمة الأدب المصري القديم
أما أفلاطون الذي هرب إلى ميجارا بعد إعدام سقراط ونفي فيها 12 عاماً، فقد درس هو الآخر في مدرسة أون (عين شمس) لسنوات وهناك نظم أفكاره المعروفة. والحقيقة أن أهم نظرياته في المثل موجودة في ثنايا كل الأديان الشرقية التي ترى أن في السماء النموذج الأصلي لكل ما هو موجود في الأرض التي تتدبر نسخاً ناقصة عن نموذجها السماوي، وكانت الديانة المصرية ترى هذا أيضاً بوضوح.
أما مبدأ الصانع الأول (الديمورج) فهو مبدأ زرادشتي معروف قبل أفلاطون، وقد نادى به فيثاغورس في بلاد الإغريق. ونجد المبدأ ذاته في الديانة المصرية من خلال مدرسة منف التي اعتبرت أتوم هو الصانع الأول الذي تلقى أوامره من يتاح.
أما النظام الأخلاقي للفضيلة والذي يمكن النفس من التطهر والصعود للخالق فنجده كاملاً في نظام الأسوار المصري الذي يشترط على المريدين الالتزام بالمبادئ العشرة الأساسية للفضيلة.
وهناك إشارات كثيرة في كتاب جمهورية أفلاطون أهمها صورة العربة وسائقها والجوادان المجنحان اللذان يجران العربة حيث لهما في تفسير النفس ورغباتها فهي ربما تعود إلى مشهد الحساب في آخر كتاب الموت عند المصريين القدماء.
ارسطو ودراسة فلسفة مصر القديمة:
أما أرسطو فقد تميزت فلسفته بمؤثرات مصرية عميقة جاءته مباشرة من نظام الأسرار أو من خلال من تأثر بهم من الفلاسفة الذين سبقوه مثل تعايش الأضداد الذي اكتسبه من المصريين مباشرة ومبادئ صفات الطبيعة والنفس (التي تنوعت عند المصريين من با، كا، خات، أب…إلخ) التي هي الأنماط النباتية والحيوانية والعاقلة…إلخ عند أرسطو.
عندما قرر أرسطو تأليف مصنف عن تاريخ الفلسفة اليونانية فإنه عرض بالضرورة رغبته هذه على تلميذيه ثيوفراستوس وإيوديموس. ذلك لأنه لم يكد يفرغ من كتابه “الميتافيزيقيا” حتى تبعه ثيوفراستوس بنشر ثمانية عشر كتاباً عن مذاهب الطبيعيين.
وبالمثل بعد أن نشر ثيوفراستوس كتابه “مذاهب الطبيعيين” قدم أيوديموس تواريخ مستقلة لكل من الحساب والهندسة والفلك وفقه الإلهيات. وكانت هذه بداية مذهلة بسبب ضخامة عدد الكتب العلمية واتساع نطاق الموضوعات التي عالجتها هذه الكتب. وأثار هذا الوضع، عن صواب، شكوك العالم حين تساءل عن مصدر هذه المؤلفات العلمية.
العلوم الأرسطية تأخذ جذورها من البرديات المصرية التي استولى عليها الاسكندر وأرسلها إلى أثينا، وهناك دقق فيها أرسطو وأخذ منها الكثير.
وحيث أن ثيوفراستوس وأيوديموس كانا في الوقت نفسه من تلامذة أرسطو، ونظراً لأن غزو الإسكندر الأكبر لمصر جعل المكتبة الملكية في الإسكندرية تحت أيدي اليونانيين لأغراض البحث، إذن لا مناص من أن نتوقع أن الرجال الثلاثة وهم أرسطو الصديق الحميم للإسكندر، وثيوفراستوس وأيوديموس لم يعكفوا فقط على البحث والتنقيب في كتب مكتبة الإسكندرية.
وإنما لا بد أيضاً أنهم استعانوا بكتب يسرت لهم فرص مواكبة بعضهم بعضاً على نحو متقارب دون فارق زمني في إصدار المؤلفات العلمية. وطبيعي أن كانت هذه الكتب التي استعانوا بها إما غنيمة حرب استولوا عليها من المكتبة أو مؤلفات صنفوها هم (لاحظ أن مؤلفات أرسطو تكشف عن العلامات الدالة على كتابة الهوامش. وأن ثيوفراستوس وأيوديموس كانا في الوقت نفسه تلميذين من تلامذة مدرسة أرسطو.
إن كتابات أرسطو، وهي كتابات مقطعة الأوصال لا تربطها وحدة واحدة، إنما تكشف عن حقيقة أنه هو نفسه أخذ ملاحظات على عجل من كتب عديدة أثناء بحثه في المكتبة المصرية الكبرى. ونعرف أن المنهج القديم في التعلم كان شفاهياً وليس عن طريق محاضرات أو كتابة مذكرات وحواش.
وأجد لزاماً هنا أن أكرر اقتناعي بأن أرسطو يمثل هوة ثقافية مداها 5000 سنة هي المسافة الزمنية الفاصلة بين إبداعه وبين مستوى الحضارة اليونانية في زمانه. إذ من المستحيل أن نتخلص من الاقتناع بأنه اكتسب تعليمه وحصل على كتبه من بلد آخر غير اليونان؛ بلد متقدم بمسافة كبيرة على ثقافة اليونان آنذاك وأن هذا البلد هو مصر والمصرين.
وفي سيرة أرسطو ما هو غير معقول ومبالغ فيه وكذلك عدد الكتب التي ألفها والتي ذكر عنها، في ذلك الزمان، أنها بلغت ألف كتاب، وكذلك الشك في كونه قضى 20 عاماً تلميذاً لأفلاطون.
الحضارة الإغريقية والرومانية ودراسة فلسفة مصر القديمة الأدب المصري القديم
في إعلاء شأن الحضارة الكلاسيكية (الإغريقية والرومانية)، يحصل هذا اليوم ليس فقط من خلال كتاب جيمس الجريء الذي لخصنا بعض وجوهه وناقشناها وأضفنا إليها. هناك محاولات هامة في صدد كشف الحقيقة “والتي نتصف بالطابع العلمي في تفنيد نظرية المعجزة اليونانية وإثبات المصدر المصري خاصة والشرقي عامة، فتتمثل فيما كتبه العلامة (ماير) و(دنكر) و(روبرتسون) وغيرهم من المهتمين بالموضوع.
فقد رأى (ماير) أن المدنية اليونانية لم تبدأ في الرقي الحقيقي إلا بعد أن احتكت بالشرق في (أيوليا) و(أيونيا) بآسيا الصغرى، بينما ذهب (دنكر) إلى الرأي نفسه حين قرر أنه لم يبق من شيء في مدنية اليونان لم يلحق به تأثير الشرق في آسيا الصغرى.
ولن يستثنى من ذلك الدين اليوناني الذي اقتبس كثير من المعتقدات والأفكار الشرقية. أما (روبرتسون) فإنه يقول في الجزء الأول من كتابه (تاريخ حرية الفكر) إننا مهما قلبنا وجوه الرأي وأمعنا في البحث.
فلن نعثر على مدنية يونانية أصيلة بريئة من التأثر بالحضارات الشرقية، غير أن الإعجاب الشديد باليونانيين هو الذي جعل جمهرة من أصحاب الرأي كما يلاحظ روبرتسون تصر على إنكار تأثر حضارة اليونان بحضارات الشرق. وهناك مفكرون آخرون ينتمون إلى هذا التيار الذي لم يؤمن بنظرية المعجزة اليونانية، ونخص منهم بالذكر(جلاديش) و(روث) والبيرفور وجورج سارتون وروجيه جارودي وغيرهم.
مصادر الأدب المصري القديم: كتاب الحضارة المصرية خزعل الماجدي
شركة رحلات الغردقة توفر لك أحسن عروض أسعار للرحلات البحرية والسفاري وجولات الأقصر والقاهرة للعروسين شهل العسل والعائلات والمسافرون العرب عند قدومك للغردقة، الجونة، سهل الحشيش، مكادي بي، سوما بي بخدمات مميزة من أفضل منظم الجولات السياحية في الغردقة مصر.