العمارة في مصر القديمة | اكتشف اسرار فن العمارة في الحضارة الفرعونية وتطورها بداية من مقابر المسطبة في الدولة العتيقة والقديمة، معابد الشمس، بناء المسلات, المعابد الجنائزية والطقسية في المملكة الحديثة وما هي اسرار اهتمام المصريون القدماء ببناء المعابد وما هي العلاقة بين العقيدة الدينية والعمارة في مصر القديمة الفرعونية والمزيد.
حقائق وتاريخ الفنون التشكيلية في ثقافة الحضارة الفرعونية, اكتشف اسرار بناء الاهرامات والمعابد الفرعونية والمقابر الملكية والمسلات والمسطبات عبر تاريخ الفراعنة.
العمارة في مصر القديمة:
رغم البدايات البسيطة الخاصة بالسكن في عصور ما قبل التاريخ مثل حضارة نقادة الثالثة وعصر ما قبل الأسرات، لكن العمارة المصرية القديمة وخصوصا عصر الفراعنة تبدأ مع العصر العتيق في حدود 3100 ق.م. ولعبت مجموعة من العوامل في نشوء هذه العمارة ونضجها، أهمها العامل الديني الذي كان له الأثر في ظهور العمارة الخاصة بالموت، كالمقابر المصرية والمسطبات والأهرامات غرب نهر النيل بشكل خاص حيث تغرب الشمس.
وكان استقرار مصر السياسي الداخلي المتمثل في الهرم السياسي الفرعوني عاملاً مهماً أيضاً حيث لم تشهد حروباً داخلية عنيفة بل كانت هناك ثورات اجتماعية وسياسية “الثورات في مصر القديمة” محدودة لم تعمل على تخريب العمران بل كان دافعها التغيير الاجتماعي والسياسي.
أما العامل البيئي وخصوصاً المناخ الحار فقد أدى إلى ظهور السطوح المستوية في العمارة في مصر القديمة واختزال عدد فتحات الجدران الخارجية واقتصاد مصادر الإضاءة على فتحات السقوف وعلى الأبواب. وزادت سماكة الجدران للتقليل من تسريب المياه والحرارة. وكان لذلك أثره على ظهور الكتابات باللغة المصرية القديمة والرسوم الداخلية والخارجية على هيئة نقوش ومنحوتات محفورة.
ظهر الطين في بناء المنازل الفقيرة واستخدم الحجر في بناء القصور والمعابد المصرية مثل الحجر الجيري والرملي والرخام والمرمر والجرانيت المستخدمة في النحت في مصر القديمة. وظهرت في البناء تقنيات استخدام الزجاج والخشب والمعادن وهو ما أكسبها جمالاً خاصاً ورصانة وظيفية متميزة.
كانت المتانة أساس العمارة في مصر القديمة من خلال هندسة رفيعة التخطيط ومادة حجرية صلبة وفخامة في المعمار، وقد سيطر الشكل الهرمي على الكثير من العمران. كما تحقق الجانب الوظيفي بوضوح في المباني السكنية العامة للناس والمدافن الفخمة الدنيوية والدينية.
كانت السقوف، في الغالب، تصنع من الطين والطابوق والخشب والخوص في المنازل عامة، أما في المعابد الجنائزية والمقابر فكانت تصنع من بلاطات حجرية كبيرة محملة على عتبات ترتكز على الحيطان والأعمدة، وظهر تسقيف القبو في عمرانهم كما في مقابر وادي الملوك بالاقصر. وكانت الجدران تميل نحو الداخل كلما ارتفعت رغم أن السطح الداخلي قائم الزاوية وهكذا يبدو الجدار وكأنه مثلث نحيف قائم الزاوية. واستخدموا الحوائط الساندة وفواصل البناء وراعوا الاتزان بالثقل والفراغات الداخلية.
المنازل في مصر القديمة الفراعنة:
كانت المنازل في مصر القديمة وبيوت السكن تبنى، عموماً، من طوب اللبن، ولذلك فهي لا تبقى طويلة بسبب هشاشتها. وكانت البيوت في الحقبة التاريخية الأولى بداية من عصر ما قبل الأسرات وحضارة نقادة الثالثة مكونة من حجرتين متعاقبتين أو من فناء يليه حجرة، وكان هناك ملحق للبيت وصوامع تخزن فيها الحبوب وهي بشكل أسطواني أو مقوس من الداخل.
وكانت القصور الملكية مثل قصر الملقطة بالاقصر الذي بناه الملك أمنحتب الثالث بفترة الاسرة المصرية الثامنة عشر وعصر المملكة الحديثة في مصر القديمة وبيوت كبار رجال الدولة ذات مساحة كبيرة وتتضمن حدائق ووجدت فيها برك مياه أو أحواض ماء كبيرة، وهناك فناءات تحيط بالأعمدة أو الأساطين وأبهاء واسعة. أما بيوت الطبقة الوسطى فتتكون من فناء تطل عليه ثلاث حجرات بسقوف مقببة، ومنها ما له طابقان وفي كل طابق ضفة تؤدي إلى الضفة العليا سلم في جانب الفناء وقد يكون هناك أحواض في الفضاء.
بعض منازل رجال الدين وكاهن آمون الأكبر نتكون من قسم أوسط وجناحين ومدخله باب صغير يكاد يتوسط الباب الخارجي.
اختلفت البيوت وتنوعت في العصور الحديثة والمحاصرة ولكنها حافظت على الشكل العام وازدادت سعة وتنوعاً. وكانت بعض واجهات البيوت تدهن بدهان ملون.
كانت بيوت العمال متلاصقة تتألف من حجرة أو اثنتين أو ثلاث وقاعات مقببة وكانت صغيرة المساحة ومزدحمة ولها واجهات تطل على شارع أو درب.
أنواع العمارة في مصر القديمة وتسلسلها التاريخي :
العمارة في عصر المملكة العتيقة:
ليست هناك آثار عمرانية كبيرة ومهمة.
المصطبة الفرعونية
القبور الملكية ومقابر الأفراد فقط، والقبر هو المسطبة. كانت القبور عبارة عن حجرات داخل الأرض يدفن فيها الأموات ومومياء الفراعنة، وتكون مغطاة من الخارج بالمسطبات، ظهرت في أبيدوس بمنطقة العرابة مقابر أم الجعاب وانتشر استعمال اللبن في الجدران، أما الأبواب والعمد والسقف فكانت تصنع من الخشب.
المصطبة الفرعونية نوع من المقابر المصرية القديمة وهي بناء مرتفع عن سطح الأرض مستطيل الشكل ذو سطح مستو وجوانب منحدرة نحو الخارج، وشيدت المصاطب إما من الطوب واللبن أو الحجر.
ومن الأسرة المصرية الأولى بداية حكم ملوك أسرة الملك نعرمر هناك مقبرة كاهن الاله حورس “نب حسوت با” الذي عثر عليه في سقارة ويتكون من عدة حجرات متوازية إضافة إلى قاعة مستطيلة يمكن أن تكون مدفناً. وعثر في أبيدوس على مقبرة الملك خع سخموي من نهاية الأسرة المصرية الثانية جدرانها غطيت بالحجر الجيري وعثر عليها في (أها – سقارة) واستمر بعضها في حكم ملوك الفراعنة المملكة القديمة في مصر الفرعونية.
مقابر المسطبة في الدولة العتيقة والقديمة:
- مسطبة مقبرة الملك حور عحا أو عحا – سقارة من الأسرة الأولى المكون من أخاديد البضائع وغرف المقبرة التي يدفن فيها الميت.
- مسطبة بيت خلاف من الأسرة المصرية الثالثة.
- مسطبة في الجيزة من الأسرة المصرية الخامسة.
- مسطبة في سقارة من الأسرة المصرية السادسة.
العمارة في عصر المملكة القديمة:
تطور فن العمارة في مصر القديمة ديانة قدماء المصريين في الدولة القديمة تطوراً كبيراً، وكان ذا مظهرين أحدهما يخص المدافن الكبرى (أهرامات الجيزة) والآخر المعابد الكبرى (معابد الشمس).
اسرار العمارة في مصر القديمة في بناء المعابد الفرعونية:
معابد الشمس:
ظهرت معابد الشمس مع أسر المملكة القديمة في ابو غراب ومقابر أبوصير، فقد ابتكر ملوك الأسرة الخامسة الأوائل نمطاً جديداً أيضاً من المعابد سمي بـ (معابد الشمس) بمنطقة أبوصير التي ربما يكون تصميمها مأخوذاً من نموذج المعابد التي كانت تقام في مدينة هليوبوليس لعبادة إله الشمس والمعروف باسم الاله رع اشهر الالهة المصرية القديمة عبر التاريخ.
يعتبر نموذج معبد الشمس الذي أقامه الملك ني أوسر رع في منطقة أبو غراب خير نموذج وصل إلينا من معابد الشمس التي أقامها ملوك الأسرة الخامسة.
وقد استغل المهندس الذي وضع تصميم هذا المعبد طبيعة الأرض بطريقة بارعة؛ فقد صمم بناء المعبد وبناء ملحقاته من المنشآت الأخرى على مستويين يرتفع أحدهما عن المستوى الآخر؛ وربط هذين المستويين بطريق صاعد.
حرم المعبد في المستوى السفلي محاط بسور يبلغ طوله 330 قدماً وعرضه 250 قدماً ويضم هذا الحرم السفلي مجموعة من المخازن وغرف الإدارة تصل بينها مجموعة من الممرات نحتت على جدرانها نقوش ومناظر بديعة.
وفي الساحة العليا من المعبد كانت تقام الطقوس والمواسم الخاصة بعبادة الشمس أمام مسلة غليظة ضخمة أقيمت فوق قاعدة مرتفعة وعلى مسافة قريبة جنوب السور المحيط بالمستوى العلوي للمعبد، استخدمت قوالب الطين في بناء أحد مراكب الشمس التي كان من المعتقد أن الإله رع يستقلها في رحلته اليومية عبر السماء.
استخدم في البناء حجر الجرانيت الوردي بكثرة، خصوصاً في بناء الأعمدة الضخمة التي كانت تأخذ شكل النخيل أو شكل حزم سيقان نبات البردي مما أضفى الكثير من ملامح الرقة والحيوية على العمارة في مصر القديمة هذه المنشآت.
اسرار بناء المعابد في المملكة الوسيطة:
الأهرامات الصغيرة في (هرم أمنمحات الأول بمنطقة اللشت، هرم هوارة،هرم اللاهون بالفيوم):
أصبحت الأهرامات أقل حجماً ولم تستخدم فيها الحجارة بل الطوب المكسو بالحجارة وهنا يكمن أسرار بناء الأهرامات، وكانت هناك مصاطب للأمراء محيطة بالأهرامات.
مثل اهرامات منطقة هضبة الجيزة
المقابر الصخرية للنبلاء المنحوتة في الجبل في مناطق مقابر النبلاء في تل العمارنة ومقابر بني حسن بعصر المملكة الوسطى في مصر القديمة، مقابر البرشا بالمنيا، مقابر فاو الكبير بالاقصر.
العمارة في مصر القديمة في بناء المسلات:
أول ظهور مسلات الفراعنة كان في مدينة عين شمس (أون) من حجر الخليقة الأول (بن بن) الذي ظهر طائر بنو على قمته رافعاً الشمس “أساطير الفراعنة“، ثم تطور هذا الحجر المدبب والمثلث النهاية حتى تكونت المسلات. أصبحت المسلات جزءاً من المعابد، منذ الأسرة الخامسة، وبدأت تظهر مسلتان على جانبي مدخل المعبد.
وهذه المسلات تحت قاعدة من قطعة واحدة من الحجر، ينقش عليها اسم الملك وألقابه، وقاعدة المسلة على شكل مربع، وتضيق جوانبها تدريجياً إلى أن تنتهي بقمة هرمية الشكل تكسى، عادة، بالذهب فتلتمع بضوء الشمس وتخلق هيبة قدسية في النفوس. في الأسرة الثانية عشر ظهرت مسلة سنوسرت الأول بالفيوم التي شيدها أمام معبد أبيه في هليوبوليس شمال شرق القاهرة مسجلاً احتفاله بعيد السد ضمن الأعياد الفرعونية (ذكرى التتويج بعد 30 عاماً).
ومنذ الاسرة المصرية الثامنة عشر بعصر المملكة الحديثة في مصر القديمة ظهر اهتمام كبير بالمسلات لتسجيل انتصارات الملوك وذكراهم مثل مسلات الملك رمسيس الثاني والملك تحتمس الأول والملكة حتشبسوت اشهر ملكات مصر الفرعونية والملك تحتمس الثالث والملك تحتمس الرابع و.
أنواع المعابد الفرعونية:
المعابد الجنائزية:
ظهرت المعابد في مختلف الأقاليم وكانت مخصصة لعبادة الآلهة، وشاع استعمال المعبد المحاط بأعمدة، وكثرت الأعمدة المقتبسة من شكل النخلة، ومن أشهر المعابد الجنائزية التي عثر عليها في ذلك العصر هو معبد منتوحتب الثاني الجنائزي بالدير البحري وتم بناءه في عصر الأسرة الحادية عشر لحكم الملك منتوحتب الثاني ويتميز بمسطحين فوق بعضهما يعلوهما بناء هرمي.
وهناك المعبد الجنائزي لأمنحتب الثالث ومعبد أمنحتب الثالث بالكاب والذي تم بناءه في عصر الملك أمنحتب الثالث الذي يتميز بعدد كبير جداً من الغرف متداخلة فيما بينها وسماها الإغريق بـ (اللابيرنت) أو (التيه) وقال عنها هيرودوت (المؤرخ الإغريقي العظيم) إنها تفوق عظمة بناء الاهرمات وتمثال أبو الهول.
المعابد الجنائزية كانت خاصة بالطقوس الجنائزية وبالكهنة وكاهن آمون الأكبر، ولم يكن الغرض منها هو العبادة، وكانت تجرى فيها طقوس جنازة الملوك والأمراء وتكتب فيها سيرتهم ونشأتهم وسلالتهم الملكية دون ذكر إنجازاتهم، وأشهرها في المملكة الوسطى مقابر المعابد الجنائزية في منطقة بني حسن وقد بنيت في الدولة الوسطى حول الأهرامات.
المعابد الطقسية:
وهي معابد الطقوس والعبادة التقليدية والمخصصة لإله معين أو أكثر، وفيها تقام الطقوس اليومية المعتادة لذلك الإله، وتكتب فيه تواريخ الملك منذ توليه العرش ومنجزاته.
اسرار العمارة في مصر القديمة في عصر المملكة الحديثة:
في عصر الدولة الحديثة بدأ الفراعنة بناء مقابرهم في وادي الملوك ومقابر وادي الملكات بالاقصر لذا بنوا معابدهم الجنائزية بشكل منفصل، لقد باعد ملوك الدولة الحديثة بين هذه المعابد وبين مقابرهم لعدة أسباب واقعية ودينية، بسبب تحنيط الجسد وهنا تكمن اسرار التحنيط عند الفراعنة.
يعتبر هذا العصر أعظم عصور المعابد الدينية، وكان أهم هذه المعابد ما يشيد للإله آمون إله طيبة، وأغلبها من نمط المعابد الجنائزية وهي كما يلي:
معبد الملكة حتشبسوت:
في التلال الصخرية للدير البحري تم بناء معبد حتشبسوت، وقد خصصت جزءاً منه لعبادة الإله آمون. ويعتبر تصميمه من أروع ما قام به الفنان المصري في فن المعمار، وقد بناءه المهندس الوزير سننموت وربما استوحاه من مقبرة الملك منتوحتب الثاني (في العهد الوسيط). وتتكون من ثلاثة مسطحات في مستويات مختلفة وتتصل هذه المسطحات ببعضها بواسطة طريق صاعد ينتهي عند السطح التالي، وعلى جانبي الطريق مصاعد رواقين بها أعمدة. وينتهي السطح الأخير بجسم الجبل الذي نحتت فيه غرفة الإله قدس الأقداس.
معبد أمنحتب الثالث:
المقام للثالوث الإلهي (آمون، موت، خنسو) وهم (الإله الأعظم، زوجته، ابنهما إله القمر). ويعتبر هذا المعبد فخر العمارة في مصر القديمة في عهد الأسرة الثامنة عشرة والمعبد في جوهره مستطيل تقع أجزاؤه على محور واحد، ومحاط بأعمدة ذات تاج البردي المتفتح أو المكمم ويتكون معبد الأقصر من الأجزاء التالية:
- المدخل بجدارين عاليين بهما ميل خفيف.
- الفناء الواسع المكشوف المحاط برواق مسقف محمول على أعمدة وهو مخصص للعامة.
- الطريق المؤدي للبهو.
- البهو الكبير المسقف والمحاط بأعمدة شامخة وهو مخصص للكهنة وقليل الإضاءة.
- قدس الأقداس (غرفة الإله آمون) في مؤخرة المعبد حيث تمثال الإله.
- حجرات الآلهة (الزوجة والابن، وربما غيرهما).
- السور الضخم من اللبن.
- الصرح أمام الجدار الخارجي حيث يقف تمثالان جالسان + تمثالان واقفان + مسلتان.
- الطريق المؤدي إلى المعبد والمصفوف من الجانبين بتماثيل رؤوس الأسود والأكباش.
معبد الرامسيوم الذي بناه رمسيس الثاني:
من المعابد الجنائزية التي كانت تبنى للأموات في مصر القديمة. تم بناء معبد الرامسيوم بعصر الملك رمسيس الثاني وهو أكثر الملوك الذين بنيت لهم معابد.
اسرار العمارة في مصر القديمة في بناء المعابد الطقسية:
معابد الكرنك:
أطلق المصريون على معبد الكرنك “ابت – سوت” أي “مقر العروش” باعتبار أنه معبد الإله آمون “سيد عروش الأرضين”، أما اسم الكرنك فلعله جاء من (كار – نجح) بمعنى “مقصورة الأوزة المسماة نجج”، ومن المعروف أنها ترمز للإله آمون الذي قيل إنه ظهر في إحدى روايات أساطير الخلق على هيئة ذكر الأوز الذي صاح أول صيحة في الوجود. وهو أعظم معبد في التاريخ القديم.
ويضم معبد الإله (آمون) وزوجته موت وابنهما (الإله خنسو) إله القمر، وعرف الكرنك منذ الفتح العربي باسم الحصن، ويبدأ بطريق الكباش ممثلة للإله (آمون) وهو يرمز لقوة الخصب والنماء وقد نحت تحت رؤوسها تماثيل الملك رمسيس الثاني.
يبدأ المعبد من صرح الملك نختنبو الأول من الأسرة المصرية الثلاثون ومنه إلى الفناء الكبير ثم ثلاث مقاصير لثالوث طيبة العاصمة القديمة من عصر حكم الملك سيتي الثاني، ومنه إلى صالة الأعمدة الكبرى التي تحوي 134 عموداً تتميز بارتفاعها عن باقي الأعمدة، ثم بعدها مسلة الملك تحتمس الأول ثم مسلة الملكة حتشبسوت ثم قدس الأقداس ثم نصل إلى الفناء الذي يرجع إلى عهد الدولة الوسطى، وبعده صالة الاحتفالات الضخمة ذات الأعمدة التي ترجع إلى عهد الملك تحتمس الثالث).
ولتخليد ذكرى الفرعون الملك امنحتب الثالث نحت تمثالا ممنون، ويصل ارتفاع التمثال منهما إلى 19 متراً وثلث المتر، وقد أطلق الإغريق اسم (ممنون) عليهما عندما تصدع التمثال الشرقي منهما وأخرج صوتاً شبهوه بالبطل الأسطوري (ممنون) الذي قل في حروب طروادة، وكان ينادي أمه (أيوس) إلهة الفجر كل صباح، فكانت تبكي عليه وكانت دموعها الندى.
معبد الأقصر:
بدأ الملك أمنحوتب الثالث في تشييد ذلك المعبد على الضفة الشرقية للنيل بمدينة طيبة ثم أكمله الملك رمسيس الثاني وكان مخصصاً لعبادة الإله آمون.
الهدف من بناء المعبد: هناك من يرى أن الملك أمنحوتب الثالث قد أقام هذا المعبد لإرضاء كهنة آمون، وليسبغ على نفسه الشرعية بتسجيل قصة ولادته من الإله آمون.
كان يحتفل بعيد زفاف الإله (رع) إلى زوجته مرة كل عام فينتقل موكب الإله من معبد الكرنك بطريق النيل إلى معبد الأقصر ويبدأ مدخل المعبد بالصرح الذي شيده رمسيس الثاني وبه تمثالان ضخمان يمثلانه جالساً.
وتتقدم المعبد مسلتان إحداهما ما زالت قائمة والأخرى تزين ميدان الكونكورد في باريس، ويلي هذا الصرح فناء رمسيس الثاني المحاط من ثلاثة جوانب بصفين من الأعمدة على هيئة حزمة البردي المدعم.
معبد ادفو
لعبادة الإله حورس (معبد بطلمي)
معبد أبو سنبل
(رمسيس الثاني) جنوب أسوان في جهة قرية أبو سنبل، معبد أبو سمبل هو معبد فخم زينت واجهته بأربعة تماثيل جالسة متصلة بالصخر تمثل الملك. ويبلغ ارتفاع التمثال الواحد (21) متراً. كما تتميز الأعمدة الداخلية بشكلها الآدمي (الأعمدة الآدمية).
معبد هيبس
معبد هيبس بالوادي الجديد وله أصول قديمة ترجع إلى عصر الدولة الوسطى في (2100 ق.م)
اسرار العمارة في مصر القديمة في بناء الأعمدة المصرية:
الأعمدة هي الدعائم الطويلة المرتفعة التي تربط وتسند الجزء العلوي من أية العمارة في مصر القديمة مع الجزء السفلي أو الأرضي. وقد تطورت وتنوعت الأعمدة المصرية على الشكل الآتي:
الأعمدة (الدعامات) المربعة: وهي الأعمدة التي لا يزيد ارتفاعها عن ستة أمثال قطرها؛ وتُزين بزخارف محفورة بها استدارة.
العمود النخيلي: وهو عمود أسطواني ذو تاج مكون من صفائح تشبه سعف النخيل وشكل رأس النخلة.
العمود البردي: وهو عمود أسطواني ذو تاج يشبه زهرة البردي التي تشبه الناقوس أو الجرس ويسمى العمود الناقوسي.
عمود اللوتس المغلقة: وهو عمود أسطواني ذو تاج يشبه زهرة اللوتس المغلقة.
عمود اللوتس المفتوحة: وهو عمود أسطواني ذو تاج يشبه زهرة اللوتس المفتوحة الوريقات.
العمود الحاتحوري: وهو عمود أسطواني ذو تاج قرصي يحمل مكعباً ذا أوجه تشبه شكل الإلهة المصرية حتحور.
العمود الآدمي: وهو عمود على شكل بدن آدمي أو تمثال لأحد الآلهة سواء كان ذكراً أم أنثى، يعمل وظيفياً كعمود ساند لسقفٍ أو دعامةٍ على الأرض (واستعماله نادر جداً) مثل أعمدة اوزوريس في معبد أبي سمبل.
العصر المتأخر:
بعد ضعف ملوك عصر الرعامسة، انهارت الإمبراطورية المصرية وبدأت فترة عصر الاضمحلال الثالث وضعف منذ الاسرة المصرية الحادية والعشرون حتى الأسرة المصرية الحادية والثلاثون حيث حكم مصر حكام أجانب عليها كالليبيين والأحباش ثم الآشوريين.
وقد حاول أحد أمراء سايس إنقاذ مصر فطرد الغزاة وحكم مصر سنة 663 ق.م وسمي عصره بالعصر الصاوي حيث حكم ملوك الأسرة المصرية السادسة والعشرون واسترجع سوريا وأعادها لمجدها القديم. ولكنها انهارت بعد حكم ابنه وظهور الإمبراطورية البابلية. وعاد الأجانب إلى مصر فحكمها الفرس بقية زمنها حتى جاء الإسكندر الأكبر المقدوني وبدأ حكم البطالمة والعصر الهيلنستي وعصر المملكة الرومانية. وضعف الفن خلال هذا العصر وعاد إلى نمط أسلوب الدولة القديمة لكنه عاد وارتفع في (العصر الصاوي) ثم هبط نهائياً.
لم تبق آثار للمعابد التي قال هيرودوت إنه رآها في عهد الأسرة السادسة والعشرين، ولكن يمكن أن نكون فكرة عن هذه المعابد فيما تبقى من الأسرة الثلاثين ومعابد البطالمة التي لا تزال قائمة.
القلاع – قلعة سمنة شرق:
تعتبر حصن قمنة او كان قمنة أو سمنة الشرقية باسوان النوبة الواقعة على ضفة النيل الشرقية أعلى من جارتها الأكبر حجماً الواقعة قبالتها مباشرة، ولكنها أصغر من سمنة غرب. وهذه القلعة أقل إحكاماً من قلعة سمنة غرب في تخطيطها ومن قوة وضخامة مبناها، وبينما نجد مقاييس سمنة غرب حسب تقديرات بعض العلماء 747 قدماً طولاً 585 قدماً عرضاً.
فإن سمنة شرق يبلغ طولها زهاء 380 قدماً وعرضها 228 قدماً فقط. فهي عبارة عن مساحة كبيرة تحيط بمنطقة غير منتظمة تشبه مربعاً. وهناك برج كبير بالقرب من الزاوية الشمالية الشرقية ويمتد جدار سميك جنوباً لتغطية الكتلة الصخرية المرتفعة أمامه، وتجعل من المستحيل وقوف أي عدو على الأرض قبالتها.
وهذا الموقع يعتبر محصناً من الناحية الطبيعية والعوامل الجيولوجية نفسها، ولذلك ليس ثمة حاجة أو ضرورة إلى إجراء أي إضافات فنية كما هو الحال في سمنة غرب. إن المعبد الصغير الواقع في الزاوية الشمالية – الغربية قد بناه الملك تحتمس الثالث والملكة حتشبسوت، وتم وقفه إلى الإله خنوم والملك سنوسرت الثالث.
الهندسة المعمارية في مصر القديمة | حقائق واسرار معرفة المصريين القدماء الفراعنة قوانين العمارة في مصر القديمة ونظريات الهندسة التطبيقية، اكتشف صفات العمارة المصرية والتخطيط الحضري وجغرافيا العمران عند في الحضارة الفرعونية.
الهندسة المعمارية هي فرع من فروع الهندسة التطبيقية وهما، عادة، من نتاج الهندسة النظرية التي تسبقهما. لكن الأمر في مصر يبدو لنا مختلفاً، ومعها أغلب الحضارات القديمة، فقد ظهرت الهندسة النظرية كنتيجة من نتائج الهندسة التطبيقية والمعمارية بشكل خاص، ويمكننا أن نقول أيضاً إنهما تظافرتا لتكونا هذا الجهد الهندسي الشامخ للحضارة المصرية.
عرف المصريون الكثير من قوانين ونظريات الهندسة ومنها قياس محيط الدائرة وقطرها ومساحتها، ومساحة المربع والمثلث والمستطيل والمعادلات الرياضية الهندسية. وكانت أقدم المدونات الهندسية الرياضية هي (بردية رند الرياضية المصرية) التي ظهرت في حدود 1550-1650 ق.م وكذلك.
برديات الهندسة المعمارية في مصر القديمة:
برديّة ريند الرياضية
تعرض برديّة ريند الرياضية المحفوظة الان في المتحف البريطاني بلندن (طولها حوالي نصف متر) مجموعة من المسائل العملية في مجال البناء والإدارة فهي تكون من (84) مسألة خاصة بالمعادلات الرياضية مع حلولها وحسابات الأشكال الهندسة، وقد نسبت إلى مكتشفها عالم المصريات الاسكتلندي المحام ألكسندر هنري ريند، ويذكر كاتب البردية أنه نسخها من وثيقة أقدم ترجع إلى عصر الأسرة الثانية عشرة (1991 — 1786 ق.م) ويعبر هذا عن الأمانة العلمية والتوثيقية التي يتحلى بها الناسخ أو الكاتب فهو يقول في افتتاحيتها ما يلي:
قواعد للبحث في الطبيعة، وفي معرفة كل ما هو كائن وكل ما هو غامض، بل وجميع الأسرار. أشهد أن هذه الوثيقة كتبت في العام الثالث والثلاثين، في الشهر الرابع من فصل الفيضان، في عهد ملك مصر العليا والسفلى، عاو سر رع، له الحياة، نقلاً عن وثيقة أقدم تم تدوينها أيام حكم الملك أمنمحات الثالث ملك مصر العليا والسفلى، وكاتب هذه النسخة هو الكاتب أحمس.
بردية موسكو الرياضية
(بردية جولينشكيف الرياضية نسبة إلى مالكها الأول عالم المصريات الروسي فلاديمير جولينشكيف الذي اشتراها عام 1882 من مدينة طيبة) هي الآن في متحف موسكو. وهي تعود إلى الأسرة الثانية عشرة حوالي 1850 ويبلغ طولها 18 قدماً وعرضها (1.5 – 3) إنج وتحتوي بردية موسكو الرياضية على 25 مسألة رياضية مع حلولها، مثل حساب نصف الكرة وحجم الهرم الناقص، وهي تحسب طول دفة السفينة وصاريتها، وحساب الكمية المجهولة (آها) من معادلة رياضية من الدرجة الأولى، وما يعرف بتمارين باكو وغيرها.
ولا شك أن هندسة الأهرام كانت معجزة معمارية كبرى في حضارة مصر ما زالت تستأثر باهتمام العلماء ودهشتهم ولكن المبالغات الرياضية الميتافيزيقية والبراهندسية لا يمكن أن تكون مصدر ثقة أو اهتمام، ويبقى التحليل العلمي لهندستها هو الأساس.
سمي المهندسون والمساحون المصريون بـ (الحكماء) لتفوقهم العلمي والتقني، ولا شك أن معجزة بناء الأهرام وما رافقها من أسرار رياضية فلكية أظهرت المكانة العالية لهؤلاء الحكماء.
سر بناء المسلات الجرانيتية:
وكانت (المسلات الجرانيتية) دليلاً آخر على رفعة الهندسة المعمارية والتي كان بعضها يتجاوز الألف طن. وكانت براعتهم الهندسية لا توصف حيث يقول الأثري الانجليزي واشهر علماء علم المصريات «وليم ماثيوس فلندرز بيتري» (1803 — 1924) عن ذلك:
إن متوسط الخطأ في طول الجوانب التي يبلغ الواحد منها 700 قدماً – هو 1/ 4000 وهو خطأ يمكن أن ينشاً عن اختلاف في درجة الحرارة بمقدار 15 درجة مئوية بين قضبان النحاس التي تستعمل في المقاس، والخطأ في التربيع يبلغ دقيقة واثنتي عشرة ثانية. من الدرجة، والخطأ في المستوى 5 بوصات بين الجانبين.
أو 12 دقيقة؛ أما الأطوال القصيرة التي تبلغ 50 قدماً، فيبلغ الفرق 0.02 من البوصة. وبلغت الدقة التي روعيت في ثلاثة توابيت من الجرانيت الخاص بــ الملك سنوسرت الثاني” (1897 – 1877) ق.م أن متوسط الخطأ فيها لا يعدو0.004 من البوصة.
بخط مستقيم في بعض الأجزاء 0.007 من البوصة في أجزاء أخرى كما بلغ مقدار انحناء الجوانب 0.005 من البوصة في ناحية، 0.002 من البوصة في ناحية اًخرى، أما متوسط الخطأ في نسب الأبعاد المختلفة في الأعداد الزوجية 0.028 من البوصة، وهذا كله يشبه في دقته عمل صناع العدسات البصرية، وليس عمل البنائين.
هذا ويدل قطع الأحجار التي تتطلب تركيب بعضها إلى بعض معرفة بالهندسة وقياس الأحجام، كما يمكن للباحث أن يقول بحق، أنها تدل كذلك على إحاطة بالهندسة الوصفية (قياس الحجوم) ذلك أنه لم يكن كافياً أن تحل مثل هذه المشاكل بطريقة عامة. لأنه جرى إرشاد قاطع الحجر إلى الطريقة التي يجب اتباعها في قطع كتل الحجر الجيري، وربما ظلت تلك المعرفة تجريبية غير مرتبة ترتيباً ثابتاً.
صفات العمارة المصرية عند الفراعنة:
جمعها الفخامة والبساطة والرهبة والجمال والدقة الهندسية في بناء واحد.
تعاملوا في المعابد بهندسة قادرة على توفير الإضاءة الطبيعية عن طريق رفع الأعمدة الوسطى وخفض الأعمدة الجانبية.
كانت الأعمدة مثار دهشة فهي تجمع هندسة فريدة في معمارها وجمالها وسنفصل في ذكر أنواعها في مبحث الفنون.
كانت الجدران تبنى بسمك يقل في العرض كلما ارتفع البناء وبذلك يميل البناء إلى الداخل من الأعلى، ويصبح السطح الخارجي مائلة.
تسيطر الأشكال الهندسية على العمارة في مصر القديمة وتزداد وحداتها في أدق تفاصيل المعمار الهندسي.
كانت تسيطر على العمارة (وحدة البناء) ويرجع سبب ذلك إلى نوع الطابوق (الطوب) الذي كان يستخدم في البناء حيث طول كل طابوقة هو ضعف عرضها وبذلك وضع المصريون أساس التنميط الذي يكسب العمارة إيقاعاً جماليا وهندسياً.
ابتكروا الحوائط المسندة العالية المرتفعة بمداميك مقوسة وذلك لتلافي خسف البناء وشروخه وتشققاته المحتملة..
التوازن الداخلي للبناء حيث أنشؤوا حسابات للثقل الذي قد يسند المباني الضخمة وقاموا بإنشاء فراغات داخلية أو غرف لكي تحكم التوازن الداخلي.
بنيت المعابد الكبرى بطريقة خاصة تتناسب مع هيبتها ووقارها، وصممت الإضاءة فيها بطريقة متضائلة كلما دخلنا في عمق المعبد باتجاه غرفة قدس الأقداس.
كانت الهندسة المصرية موضع تقدير الأغارقة فرغم أنهم قد توصلوا إلى نظريات رياضية جديدة بارعة، منذ نشأت مذاهبهم الرياضية في أواخر القرن السادس قبل الميلاد، غير أن مؤرخيهم وفلاسفتهم لم يترددوا في اعتبار الرياضيات المصرية أصلا لبعض نظرياتهم وقوانيهم.
فلقد روى الفيلسوف الأثيني أفلاطون عن استاذه سقراط (469 – 399 ق٠م) اًن المعبود المصري “تحوت” إنما كان أول من اخترع نظام العد والهندسة والفلك في مصر القديمة، وأكدت الروايات الإغريقية أن طاليس إنما كان من أقدم من نقلوا أصول الهندسة المصرية إلى اليونان، وأنه علم تلميذه بتاجوراس كل ما يعرفه عنها، ثم وجهه إلى مصر ليتم دراسته الرياضية مع علمائها وكهنتها.
التخطيط الحضري وجغرافيا العمران في حضارة مصر القديمة:
لا يمكننا الحديث عن تخطيط عمراني في هصر القديمة بمفهومنا الحالي لهذا المصطلح، فهو لم يكن تخطيطاً مقصوداً بل هو حاصل تفاعل البيئة الطبيعية مع الإمكانات البشرية المتاحة؛ وهو تخطيط عفوي بيئي ولم يكن تخطيطاً متدبراً دقيقاً.
. إلى أن مدن مصر القديمة “جغرافيا مصر القديمة” التي شيدت في الألف الثالث ق.م كانت تشيد بأمر فرعون، وروعي في تخطيطها إسكان الحرفيين والصناع والبنائين والعبيد في محلات مجاورة لمناطق البناء وخاصة عند بناء المقابر الملكية. أما عن تخطيط المباني.
فقد كانت المساكن طبقاً لرأيهما أيضاً، تبنى بإحكام حول أفنية داخلية، وكانت ارتفاعات المباني متناسبة مع عرض الشوارع. وكان اًغلب الساكن من طابق أو طابقين.
وكان يعنى بالنواحي الصحية للغاية، كما كان هناك نظام للصرف الصحي التحتي يمتد حول المدينة، كما أن هناك بعض الدلائل على ربط بعض المساكن بخطوط ومجاري الصرف.
كانت الشبكة العمرانية في مصر القديمة تتأخذ شكلها من توزيع الأقاليم اًو المقاطعات والتي يسميها المصريون القدماء (سبات) أو (نوما) وتعني (القمم). وكانت أقاليم مصر العليا أي وادي النيل أكثر ثباتاً من أقاليم مصر السفلى أي الدلتا بسبب تحولات واندثار فروع النيل في الدلتا ولذلك تكون أكثر تشتتاً في عمرانها وأقل كثافة من الوادي.
هناك أربعة أنماط عمرانية في مصر هي (القرى الكبيرة، المحلات والمراكز الصغرى، المحلات الكبرى، المدينة) وتقتسم هذه الأنماط حسب الوظائف الغالبة على الأماكن كالوظائف الزراعية أو الدينية أو الحرفية…إلخ
الهندسة المعمارية في مصر القديمة وبناء المعابد الفرعونية:
كان المعبد أساس المدينة ولذلك كان التخطيط لبناء المعابد هو أساس بناء المدن وهو أكثر وضوحاً من التخطيط لبناء المنازل، وإلا شك أن معابد طيبة تعطي مثلاً ساطعاً على هذا الأمر. وكان التخطيط العمراني في مجال بناء الحماية والحصون أوضح مثال على العلاقة بين البيئة والحاجة الدفاعية.
ولعل الموضوع أكثر مغارقة في مصادرنا عن التخطيط الحضري في مصر القديمة هو أننا نحصل على معلومات عن مدن الأحياء ونشاطاتهم من أماكن الموتى وقبورهم التي تحمل على جدرانها النقوش وفي مدافنها البرديات.
ونلاحظ أنه مما كان يدعو إلى التخطيط العمراني وتخطيط المدن خاصة، أن كثيراً من المدن كان يرتبط بالنواحي الجنائزية كما نعلم. وكانت المدن توقف أحياناً على بعض المعابد وتقوم على خدمتها، ومن ذلك أن أحد أبناء الملك خفرع ببناء الهرم الثاني من الأسرة المصرية الرابعة.
أوصى باثنتي عشرة مدينة على الأقل لتكون وقفاً جنائزياً لهذا الغرض. وتصبح هذه المدن والأراضي ملكاً للكهنة وخلفهم من بعدهم. والتي كانت تحطط بالطبع طبقا للغرض الذي وقفت من أجله وتجلت الاستخدامات التي تخدم الأغراض الدينية في استخدام الأرض بها.
وكانت التجارة أحياناً، وليس الدين والمعبد، في مصر القديمة هي التي حولت بعض القوى إلى مدن، ففي طريق وادي الحمامات ظهرت مدينة (تابونت نثرت) بسبب التجارة في مصر القديمة بالبحر الأحمر التي كانت تمر بها، والحال ذاته ينطبق على مدينة أبيدوس (تاور) التي نشأت بسبب تجارة البحر المتوسط والواحات البحرية.
أما شكل (مورفولوجيا) المدينة فكان متأثراً بثلاثة عوامل أساسية أولها وأهمها هو العامل البيئي والثاني هو السياسي والثالث هو الديني.
ليس هناك أسوار في المدن المصرية لكن الأراضي الزراعية ضمن الزراعة في مصر القديمة كانت تعطيها شكلها فضلاً عن أماكن الحكومة والمخازن المثنية والقصر الملكي.
كانت مادة بناء البيوت هي الطمي ومعه الملاط وكانت الجدران تطلى بالطين أو خليط من الطمي والحجر الجيري، وكان الخشب يستخدم في بعض أجزاء المبنى، وعندما كان يتوفر الخشب تستقيم السطوح. وكانت هناك أقبية من اللبن على شكل أنصاف دوائر.
أكثر المعابد والمنشآت الدينية بنيت بالحجر الجيري، واستخدم الجبس كملاط، والجرانيت للتكسية والأعمدة والعتبات (وكان يأتي من أسوان وتحديداً من جزيرة الفنتين). الحجر الرملي استخدم في الدولة الحديثة في بناء معابد طيبة والكرمل.
الهندسة المعمارية في مصر القديمة واسرار بناء الاهرامات:
إن تلك الأهرامات المهدمة وما حولها من خرائب المعابد التي نراها الآن كانت في يوم من الأيام عامرة بكهنتها الذين كانوا يقدمون القرابين لأرواح الملوك الذين أقاموها. إنا لا نرى اليوم شيئاً غير الأحجار وأكوام الرديم، وبين حين وآخر جداراً قائماً، ولكن هذه الأهرامات كانت في يوم من الأيام تضيء ما حولها بكسائها من الحجر الجيري الناصع البياض، وكانت المعابد الفخمة كاملة البنيان.
وكانت أبهاؤها تردد صدى الأناشيد والصلوات التي يرتلها الكهنة، يحف بهم الوقار وهم يسيرون وئيداً يرفلون في ملابسهم البيضاء، وكانت القرابين والأزهار تغطي المذابح، وكان عبير البخور يزيد من قدسية الجو المحيط بالمكان.
والآن وقد اختفى ذلك، ولم يعد أحد يردد تلك الصلوات، ولم تعد جدران المعبد تردد صدى أناشيد الكهنة، فإن النقوش والصور الملونة فوق جدران المقابر والمعابد التي عفت عليها الأيام ودفنت أكثرها، ما زالت شاهداً حياً على تلك الحركة التي أسكتها مرور السنين.
الكوارتزيت للمعابد والمدافن، والمرمر المصري (الكلسيت) لجماليات المباني، والبازلت للطرق الخاصة بالمعبد. لم تكن شوارع المدن معبدة، في الغالب، ومباني مدن الموتى والمعابد تنوعت فيها مواد البناء أكثر من مدن الأحياء بسبب العقيدة الأخروية للمصريين وأهمية العالم الآخر عندهم. وكانت صناعة الطوب واللبن في مصر مهمة في بناء المدن وكان حجم الطابوقة، عادة، هو 12 × 18 × 38سم.
اسرار الهندسة المعمارية في مصر القديمة في بناء المنازل:
منازل الدولة القديمة
بتكون المنزل في عهد الدولة القديمة من:
- قاعتان متعاقبتان أو فناء يليه قاعة، والفناء مكشوف من الأعلى
- الصوامع الملحقة (أسطوانية أو
- مقوسة)
- السقوف من جذوع النخيل، ونادراً ما تقبب بالحجر
- النوافذ قليلة أو معدومة
منازل الدولة الوسيطة
يتكون المنزل في عهد الدولة الوسطى من:
- الفناء الصغير مع قاعة أو قاعتين أو ثلاث، بعض القاعات مقببة
- الحدائق المسورة يتوسطها حوض ماء محاط بأشجار جميز
- منازل حكام الأقاليم على شكل برج من ثلاثة طوابق مع سلم.
- النوافذ مزودة بالقضبان
- ملاحق البيت
منازل الدولة الحديثة
بتكون المنزل في عهد الدولة الحديثة من:
- الأبواب مفردة أو زوجية خشبية
- أو نحاسية
- غرف تحتية رطبة أو سراديب
- طابق واحد واسع المساحة
- ملحقات كالحظيرة والمخازن
- وسكن الخدم
المراحيض في العصور الثلاثة موجودة دائرية لقاعدة ملساء
وتؤدي إلى فراغ يملأ بالرمل بين فترة وأخرى لإخفاء الفضلات. وكانت المياه تستخدم في المنازل بأنابيب فخارية في بعض المدن ولبعض المنازل.
تخطيط المدن في الحضارة الفرعونية :
خضعت المدن المصرية لمجموعة من العوامل البيئية والبشرية في تكوين شكلها ووظيفتها، ففي الجانب البشري كانت المدينة تظهر أماكن متخصصة لبعض المهن المتوارثة في مكانها سواء كانت تابعة لأفراد أم للحكومة. ولعب التقسيم الهرمي الاجتماعي دوره في شكل ووظيفة المدينة وأقسامها.
فقد كانت مناطق الفقراء تختلف عن مناطق الأثرياء، وانسحب هذا على مدن الموتى المرافقة للمدن الرئيسة فقد كانت مناطق مقابر الأثرياء واضحة ومميزة في المناطق والمرتفعات العالية بينما دفن الفقراء في السفوح والمنحدرات.
تميزت المدينة المصرية عموماً بمظهرين يختلفان عنهما في مدن آسيا القريبة، أولهما غياب السور عموماً، والثاني أنها لم تكن تبنى حول قلاع وحصون، كما كان الحال في المدن الآسيوية، وكانت المدن المصرية عموماً غير محصنة، وفي حالة المدن المصرية ذات الأبواب.
الهندسة المعمارية في مصر القديمة:
فإن هذه الأبواب لم تكن تغلق في الليل، كما أن مساكن المدينة المصرية متناثرة، ولا تتجمع ذلك التجمع والتعنقد الذي تفرضه وظائف الحماية بصرامة في المدن الأخرى الأجنبية؛ ولذلك وجدت المدن المصرية عدة ضواح مثلما كان عليه الحال في العمارنة، وهذا أيضاً غير مشابه لما كان عليه الحال في مدن آسيا القريبة.
يمكننا تصنيف المدن المصرية وفق مقاييس مختلفة حسب المكان أو الزمان أو الأهمية أو التاريخ، ولكننا اخترنا تصنيفها هنا وفق الوظيفة التي كانت تسود فيها، وعلى هذا الأساس تصنف المدن إلى:
- مدن الإدارة والحكم
- مدن العواصم الإدارية والمقاطعات القديمة
- مدن جديدة لغرنن الإدارة والحكم مثل طيبة
- مدن الحماية والحصون العسكرية: تل القلزم، دافناي… الشونة…..إلخ
- مدن التعدين والمناجم والتحجير: واوات، وادي العلاقي، كوش
- مدن الثقافة والإشعاع الحضاري (هيلوبوليس – أون)، أبيدوس، منفس، وونو، ساو(سايس).
- مدن الحج والزيارة والنبوءات والعرافة: سيوه، بوزيريس، سارس، بوطو، برييس، بوبسطة.
- مدن الموتى: الجيزة، هايو
- مدن النفي والعقاب: حصن ثارو.
التخطيط الحيزي في المدينة المصرية القديمة:
وهو التخطيط الذي يعتمد على تكوين أحواز أو كانتونات مختلفة الشكل والوظيفة داخل المدينة، “وهكذا ظهر نوع من التخطيط أو التخصيص للمناطق سواء في صورته المادية في صورة استخدام الأرض، أوفي هيئته الاجتماعية في صورة الطبقة التي تشغل المنطقة، ويذكر (برستد) أنه حول قصر فرعون، في وسط المدينة كانت مباني الحكومة ومنازل الموظفين، بحسب أهميتهم.
وبالمثل كان تخطيط مدن الموتى وتوزيع المقابر حول مقبرة فرعون بحسب أهميتهم في الحياة الدنيا، وكانت المباني الضخمة للمدينة العاصمة ذات أثر في اتخاذ العاصمة مظهراً مبهراً ميزها عن مدن الأقاليم الأصغر حجماً يضاف إلى عنصر المباني في مورفولوجية المدينة، الحدائق وخاصة في ممفيس.
وقد ساهمت الأفكار الدينية منذ بداية حكم الأسرات في تغيير وتحديد شكل المدن ومنها عدم وجود الأسوار وظهور مدينة الموتى (نكروبوليس) بجوار المدينة الأساسية وتحديد الجانب الوظيفي للمدينة والديني بشكل خاص٠ وقد أثر كل ذلك، بالنتيجة، على نوع المدن المصرية الخاص وشكلها الخاص بل وحجمها وعدد سكانها، ففي الوقت الذي كنا نرى مدن الرافدين، على سبيل المثال.
كنماذج ممتازة لمدن (دولة المدينة) في العالم القديم بحجم كبرها وعدد سكانها واستقلالها، لم يتوفر كل هذا في المدن المصرية فقد عملت البيئة كنوع من الأسوار بصحرائها وتلالها وكانت هذه المدن بحكم التفافها حول النيل متصلة أكثر ويصعب استقلالها، وهذا ما أعطاها شكلة مائعاً متواصلة مع غيرها من المدن.
ويعطينا “جونسون” فكرة عن تركيب المدينة المصرية، فيلمح أولا إلى الاختلاف الخاص بمورفولوجيتها وخاصة منطقتها الوسطى التي كان يتمركز بها قصر فرعون والمعبد الرئيس، بينما في المدن المعاصرة لها كان يحل بدلها القلعة، كذلك يذكر أن معظم المدن كانت غير محصنة، واعتماداً على “هيرودوت” يذكر أن قطاعاً كبيراً من سكان المدينة كانت مبانيهم ذات شكل قروي.
كذلك كان للمدن ضواح خاصة بها، ومثال ذلك العمارنة التي أخذت الشكل الطولي، وكان لها ضواح متعددة، وكانت أحياء الطبقة العاملة ذات خصائص مورفولوجية معينة منها بساطة المنازل، وكانت منازل الأغنياء تتميز بدخول عنصر الحجر في عمارتها، وذات أطر حجرية، كذلك كان لها دعامات وأعمدة خشبية.
مصادر العمارة في مصر القديمة: كتاب الحضارة المصرية خزعل الماجدي
شركة رحلات الغردقة توفر لك أحسن عروض أسعار للرحلات البحرية والسفاري وجولات الأقصر لمشاهدة معالم العمارة في مصر القديمة والقاهرة للعروسين شهل العسل والعائلات والمسافرون العرب عند قدومك للغردقة، الجونة، سهل الحشيش، مكادي بي، سوما بي بخدمات مميزة من أفضل منظم الجولات السياحية في الغردقة مصر.